بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم مكتبة الفقة الإسلامي المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المجلد الثاني ● [ كتاب الحدود ] ●
● باب حد الزنا إذا جامع الحر المكلف في القبل بنكاح صحيح حرة مكلفة فهما محصنان أيهما زنى فحده الرجم حتى يموت وعنه يجلد مائة أولا ثم يرجم والكافر والمسلم فيه سواء. ومتى اختل شيء مما ذكرنا فلا إحصان لواحد منهما إلا في تحصين البالغ بوطء المراهقة وتحصين البالغة بوطء المراهق فإنهما على وجهين. وإذا زنى الحر غير المحصن جلد مائة جلدة وغرب عاما الرجل إلى مسافة القصر والمرأة إلى ما دونها وعنه تغرب مع محرمها لمسافة القصر ومع تعذره لدونها. وإذا زنى الرقيق فحده خمسون جلدة ولا يغرب ومن نصفه حر يجلد خمسا وسبعين جلدة وفي تغريبه نصف عام وجهان. وحد اللوطي كحد الزاني وعنه فيه وفيمن زنى بذات محرم يرجم بكرا كان أو ثيبا. ومن أتى بهيمة عزر ولم تقتل البهيمة وعنه يعزر مع قتلها واختاره الخرقي وعنه يحد حد اللوطي مع قتلها ولا يحل أكل لحمها إذا شرعنا قتلها وقيل إن كانت مما يؤكل ذبحت وحلت مع الكراهة وضمن الواطئ إذا كانت لغيره نقصها وعلى الأول كمال قيمتها. والزاني من غيب الحشفة في قبل أو دبر حراما محضا. فإن غيبت بعض الحشفة أو وطئ دون الفرج أو جامع الخنثى المشكل بذكره أو جومع في قبله أو أتت المرأة المرأة لم يجب الحد. وإن وجدت شبهة ملك أو ظن كمن وطئ امرأته في حيضتها أو نفاسها أو في دبرها أو أمته المجوسية أو المرتدة أو أمة له فيها شرك أو لوالده أو لمكاتبه أو أمة لبيت المال وهو حر مسلم أو امرأة على فراشه ظنها زوجته أو سريته أو في نكاح باطل اعتقد صحته أو لم يعلم تحريم الزنا لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه ببادية بعيدة أو لكون الأمة لوالده ومثله يجهله فلا يحد عليه. وإن وطئ أمته وهي مزوجة أو مؤبدة التحريم برضاع أو غيره فهل يحد أو يعزر على روايتين. وإن وطئ أمة والده عالما بالتحريم حد وقيل يعزر. وإن وطئ في نكاح أو ملك مختلف فيه معتقدا لتحريمه كوطء الناكح بلا ولي بشرط الخيار ونحوه ففيه روايتان أصحهما لا يحد والثانية يحد وهي اختيار ابن حامد. ولو كان وطؤه بعقد فضولي ففيه روايتان كذلك وثالثة إن كل قبل الإجازة حد وبعدها لا يحد وعندي لا يحد إلا قبل الإجازة ممن يعتقد عدم النفوذ بها. ولو وطئ بشراء فاسد بعد القبض ففيه الروايتان الأوليان وقبل القبض يحد وقيل لا يحد بحال ويحد في نكاح الخامسة والمعتدة وكل نكاح مجمع على بطلانه مع العلم. وإذا زنى بامرأة قد استأجرها للزنا أو غيره أو بأمة له قبلها قود أو أرش جناية أو بصغيرة يوطأ مثلها أو بمجنونة أو بامرأة ثم تزوجها أو ملكها لزمه الحد. وإذا مكنت المكلفة من نفسها حربيا أو مجنونا أو مميزا له عشر سنين أو محرما تزوجت به عالمة بحالة دونه لزمها الحد. ومن زنى بميتة فهل يحد أو يعزر على روايتين. ومن وطئ أمة زوجته وقد أحلتها له عزر بمائة جلدة ولم يرجم ولم يغرب وهل يلحقه الولد إن علقت منه على روايتين وعنه يلزمه الحد التام كما لو لم تحلها له. وإذا أكرهت المرأة على الزنا قهرا أو بضرب أو بالمنع من طعام اضطرت إليه ونحوه لم تحد وكذلك المفعول به لواطا وإن أكره الرجل فزنى حد نص عليه وعنه ما يدل على أنه لا يحد. ويباح لمن يخشى العنت أن يستمنى بيده فإن لم يخشه حرم وعنه يكره تنزيها ولا يثبت الزنا إلا بأحد أمرين. أحدهما أن يقر به أربع مرات في مجلس أو مجالس ويصرح بذكر حقيقة الوطء ولو شهد أربعة على إقراره به فصدقهم مرة فلا حد عليهم ولا عليه. الأمر الثاني أن يشهد عليه في مجلس واحد أربعة بزنا واحد يصفونه ممن تقبل شهادتهم فيه سواء أتوا الحاكم جملة أو متفرقين وسواء صدقهم أو لم يصدقهم فإن شهد دون أربعة فهم قذفة يحدون للقذف وإن شهد الأربعة في مجلسين أو أكثر أو كانوا فسقة أو عميانا أو بعضهم أو بأن فيهم صبي مميز أو امرأة أو عبد ولم نقبله حد والقذف وعنه لا يحدون لكونهم أربعة وعنه يحد العميان ومن فيهم أعمى دون غيرهم ولو كان أحد الأربعة الزوج لاعن وحد الثلاثة على الأولى وعلى الأخرى لا لعان ولا حد بحال ولو كان الأربعة مستوري الحال أو عدولا كمن مات أحدهم قبل أن يصف الزنا أو كانت شهادتهم على بكر فشهد ثقات النساء بعذرتها لم يحد الشهود ولا المشهود عليه نص عليه. وإذا شهد أربعة بزنا واحد لكن قال اثنان كان الزنا في بيت كذا أو بلد كذا أو يوم كذا وقال اثنان بل في بيت أو بلد أو يوم آخر لم تقبل شهادتهم وهل هم قذفة فيحدون أم لا على روايتين وعنه تقبل شهادتهم فيحد من شهدوا عليه. وإن شهد اثنان بأن الزنا كان في زاوية معينة من بيت صغير واثنان أنه كان في زاوية أخرى منه أو قال اثنان كان الزنا في قميص أبيض وقال اثنان في قميص أحمر كملت شهادتهم على الروايتين وقيل لا تكمل على الأولى. فعلى هذا هل يحدون للقذف على وجهين. ولو أتفق الأربعة على تعدد المكان أو الزمان لم تكمل شهادتهم وحدوا للقذف رواية واحدة. ولو قال اثنان زنى بها مطاوعة واثنان زنى بها مكرهة لم تقبل شهادتهم قاله أبو بكر والقاضي ويحد شاهدا المكان لقذف المرأة وهل يحد الأربعة لقذف الرجل على وجهين وقال أبو الخطاب تقبل شهادتهم على الرجل فيحد دونهم ودون المرأة. وإذا شهد أربعة بالزنا فرجع أحدهم قبل الحد حد الأربعة وعنه يحدون إلا الراجع ويتخرج أن لا يحد سواه إذا رجع بعد الحكم وقبل الحد ولو رجع الكل فهل يحدون على الروايتين في الواحد ولو رجع أحدهم بعد إقامة الحد فلا حد إلا على الراجع إذا كان الحد جلدا أو رجما وقلنا يورث حد القذف. وإذا شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة فشهد أربعة على الشهود أنهم هم الزناة بها لم يحد المشهود عليه وفي حد الشهود الأولين حد الزنا روايتان وعلى كلتيهما في حدهم للقذف روايتان أيضا. فإذا حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد لم تحد لذلك وعنه تحد به إذا لم تدع شبهة. ولو زنى متزوج له ولد فأنكر أن يكون وطئ زوجته لم يرجم فإن شهد عليه بينة أنه قال جامعتها أو وطئتها رجم وإن قال دخلت بها فوجهان.
● باب القطع في السرقة ولا يجب إلا على من سرق مالا محرما لا شبهة له فيه وبلغ نصابا وأخرجه من حرز مثله وسواء في ذلك الثمين وغيره وما يسرع إليه الفساد كالفاكهة ونحوها وغيره وما أصله الإباحة وغيره إلا التراب والماء والكلأ والملح والسرجين الطاهر ففي القطع بسرقتها مع الملك وجهان. ولا قطع على منتهب ولا مختلس ولا غاصب ولا خائن وفي وديعة أو عارية أو غيرها إلا جاحد العارية ففي قطعه روايتان أشهرهما يقطع. ويقطع الطرار وهو الذي يقطع الجيب أو غيره ويأخذ منه وعنه لا يقطع. ويقطع سارق العبد الصغير والمجنون والنائم ولا يقطع سارق الحر إلا أن يكون صغيرا أو مجنونا ففيه روايتان فان قلنا لا يقطع وكان معه حلى ففي القطع به وجهان. ولا يقطع بسرقة آلة لهو ولا محرم كالخمر ونحوه فإن سرق إناء فيه خمر أو ماء ولم يقطع بالماء أو صليبا أو صنما من ذهب فقال القاضي لا يقطع وقال أبو الخطاب يقطع كمن سرق إناء ذهب أو فضة أو دراهم بها تماثيل. ونصاب السرقة ثلاثة دراهم أو ربع دينار أو عرض قيمته كأحدهما وعنه كالدراهم خاصة وعنه ثلاثة دراهم أو قيمتها من ذهب أو عرض وهل يكمل النصاب بالضم من النقدين إذا جعلناهما أصلين على وجهين ذكرهما أبو بكر. وهل يكفي وزن التبر منهما أو تعتبر قيمته بالمضروب على وجهين. وإذا نقصت قيمة السرقة أو ملكها السارق لم يسقط القطع. وتعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز فلو ذبح فيه كبشا أو شق فيه ثوبا فنقصت قيمته عن نصاب ثم أخرجه أو أتلف فيه المال لم يقطع وإن ابتلع فيه جوهرة أو ذهبة ثم خرج قطع وقيل لا يقطع وقيل إن خرجت منه قطع وإلا فلا. ومن سرق من حرز نصابا لجماعة قطع وإذا اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا سواء أخرجوه جملة أو أخرج كل واحد منهم جزءا فإن كان بعضهم أبا لربه أو عبدا قطع الأجنبي. فإن هتك اثنان حرزا أو دخلاه ثم أخرج أحدهما المال وحده أو دخل أحدهما فقربه من النقب ثم أدخل الآخر يده فأخرجه قطعا وإن رماه الداخل خارج الحرز وأخذه الخارج أو لم يأخذه أو أعاده فيه أحدهما قطع الداخل خاصة وإن نقب أحدهما ثم دخل الآخر وأخرجه قطعا إن تواطآ على السرقة وإلا فلا قطع وقيل لا قطع بحال ومن دخل الحرز فترك المال على بهيمة أو ماء جار فأخرجاه أو أمر صبيا أو مجنونا بإخراجه ففعلا فعليه القطع. وإذا أخرج بعض نصاب ثم دخل فأخرج تمامه من غير تراخ قطع وإن طال ما بينهما فوجهان. وإذا أخرج السرقة إلى ساحة دار مغلق بابها من بيت منها مغلق فهل يقطع على روايتين المذهب القطع. وحرز المال ما العادة حفظه ويختلف باختلاف الأموال والبلدان وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه فحرز الأثمان والجواهر والقماش في الدور والدكاكين في العمران وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة وحرز البقل وقدور الباقلاء ونحوهما وراء الشرائج إذا كان بالسوق حارس وحرز الحطب والخشب الحظائر وقال أبو بكر ما كان من الملك حرزا لمال فهو حرز لمال آخر. وحرز المواشي في المرعى بالراعي ونظره إليها وحرز حمولة الإبل بتقطيرها وقائدها أو سائقها إذا كان يراها وهل حرز الثياب في الحمام والأعدال في السوق بالحافاظ أم لا على روايتين. وحرز الكفن في القبر الميت فلو نبش قبرا وأخذ الكفن قطع وحرز الباب تركيبه في موضعه. ولو سرق رتاج الكعبة أو باب المسجد أو تأزيره قطع ولا يقطع بستار الكعبة وقال القاضي يقطع بالمخيطة عليها. إن نام على ردائه في مسجد فسرقه سارق قطع وإن زال بدنه عنه لم يقطع ويقطع الأخ وكل قريب بسرقة مال قريبه إلا الوالدين وإن علوا والولد وإن سفل. وفي قطع أحد الزوجين بمال الآخر المحرز عنه روايتان. وإذا سرق عبد من سيده أو سيد من مكاتبه أو حر مسلم من بيت المال أو من غنيمة لم تخمس أو فقير من غلة وقف على الفقراء أو شخص من مال فيه شركة له أو لأحد ممن لا يقطع السرقة منه كالغنيمة المخمسة وغيرها لم يقطع. وإن سرق ذمي أو عبد مسلم من بيت المال قطع نص عليه ومثله سرقة عبد الوالد أو الولد ونحوهما. ومن سرق قناديل المسجد أو حصره قطع وقيل لا يقطع إن كان مسلما. ويقطع سارق كتب العلم وفي سرقة المصحف وجهان. ويقطع الذمي والمستأمن بسرقة مال المسلم ويقطع المسلم بسرقة مالهما. ومن أكره على السرقة فسرق لم يقطع وعنه يقطع حكاها القاضي. ومن سرق عينا وادعى أنها ملكه قطع كما لو ادعى الإذن في دخول المنزل وعنه لا يقطع وعنه يقطع إن كان معروفا بالسرقة وإلا فلا. ومن سرق أو غصب له مال فسرق من حرز فيه ماله مال السارق أو الغاصب مع ماله لم يقطع وقيل يقطع إذا كان متميزا من ماله وإن سرق مالهما من حرز آخر أو سرق مال من له عليه دين قطع إلا إذا عجز عن أخذ حقه فسرق بقدره ففي قطعة وجهان. وإذا سرق المال المغصوب أو المسروق أجنبي لم يقطع وقيل يقطع. ومن أجر داره أو أعارها ثم سرق منها مال المستعير أو المستأجر قطع. ومن قطع بسرقة عين ثم عاد فسرقها قطع. ولا يقطع السارق إلا بشهادة عدلين أو إقرار مرتين وبمطالبة رب السرقة أو وكيله بها وقال أبو بكر لا تشترط المطالبة. وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت بأن تغمس في زيت مغلي وهل الزيت من بيت المال أو مال السارق على وجهين فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت فإن عاد حبس ولم يقطع وعنه تقطع يده اليسرى في الثالثة ورجله اليمنى في الرابعة فعلى الأولى يمنع من تعطيل منفعة الجنس وهو الصحيح من الوجهين وهل يمنع من ذهاب عضوين من شق على وجهين وعلى الثانية لا أثر لذلك. فمن سرق وهو أقطع اليد اليمنى فقط أو أقطع الرجلب اليسرى فقط قطعت الموجودة منهما وإن كان أقطع اليد اليسرى مع الرجل اليمنى قطع على الثانية دون الأولى وإن كان أقطع اليد اليسرى فقط قطعت يمينه على الثانية ولم تقطع على الأولى لكن في قطع رجله اليسرى وجهان وإن كان أقطع اليدين فقط قطعت رجله اليسرى على الثانية وفيه على الأولى وجهان ولو كان أقطع الرجلين أو يمناهما فقط قطعت يمنى يديه على الروايتين وقيل لا تقطع على الأولى. ومن سرق وهو صحيح فذهبت يمنى يديه سقط القطع وإن ذهبت يسرى رجليه فقط لم يسقط وإن ذهبت يسرى يديه فقط أو مع رجليه أو إحداهما قطع على الثانية دون الأولى وإن ذهبت الرجلان أو يمناهما فقط لم يسقط القطع على الثانية وفيه على الأولى وجهان. وإن وجب قطع يمينه فقطع القاطع يساره بدون إذنه لزمه القود إن تعمد قطعها وإلا فديتها وفي قطع يمين السارق الروايتان والشلاء كالمعدومة فيما ذكرنا إلا حيث يقطع بتقدير السلامة ففيه الروايتان. إحداهما1 لا تجزئ بحال بل هي كالمعدومة. والثانية إذا أمن التلف من قطعها جعلت كالسليمة في قطعها عن الواجب وإلا فهي كالمعدومة وكذلك حكم ما ذهب معظم نفعها كقطع الإبهام أو إصبعين فصاعدا. ويجتمع الضمان برد العين إلى مالكها أو قيمتها مع التلف. ومن سرق من غير حرز أضعفت عليه القيمة نص عليه وقيل يختص ذلك بالثمين والكنز. __________ 1 بهامش الأصل: إحداهما: وهي المذهب.
● باب حد قطاع الطريق وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء لا في البنيان فيغصبونهم المال مجاهرة وقال أبو بكر حكمهم في المصر والصحراء واحد وإذا قدر عليهم ولم يصيبوا نفسا ولا مالا يبلغ نصاب السرقة نفوا بأن يشردوا فلا يتركوا يأوون في بلد وعنه نفيهم حبسهم وعنه هو تعزيرهم بما يردعهم من حبس أو تشريد أو غيره. وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطع من كل واحد منهم يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا ثم خلي هو وإن قتلوا مكافئا ولم يأخذوا المال قتلوا حتما ولم يصلبوا ونقل عبد الله عنه يصلبون وإن قتلوا غير مكافئ كالولد والعبد والذمي فكذلك وعنه لا يقتلون. وإذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا حتما ثم صلبوا وعنه أنهم يقطعون مع ذلك ويصلبون بقدر ما يشتهرون وقال أبو بكر بقدر ما يقع عليه الاسم. والراد والمباشر في ذلك سواء فيما ذكرنا وإن جنوا بما يوجب قودا في الطرق ففي تحتم استيفائه روايتان ولا يسقط بتحتم القتل على الروايتين ويحتمل عندي أن يسقط إذا قلنا بتحتمه. ومن قطع للحراب ثم حارب ثانيا فهل تقطع بقية أربعته على وجهين بناء على السارق. ومن عدم يده اليسرى أو بطشها بشلل أو نقص قطعت رجله اليسرى دون يده اليمنى وقيل يقطعان ويتخرج أن لا يقطعا وإن عدم يده اليمنى فقط قطعت رجله اليسرى لا غير ومن تاب منهم قبل أن يقدر عليه سقط عنه ما كان لله من نفي وقطع وصلب وتحتم قتل وأخذ بما للآدميين من نفس وطرف ومال إلا أن يعفى له عنها. وإذا تاب من زنى أو شرب أو سرق قبل ثبوت حده عند الإمام سقط عنه بمجرد توبته وعنه لا يسقط كما بعد ثبوته ولو كان ذميا أو مستأمنا لم يسقط بإسلامه نص عليه. وإذا مات المحارب قبل أن يقتل للمحاربة فلولي قتيله الدية وفي صلبه وجهان. وكذلك إن قطعناه بقود قد لزمه قبل المحاربة إذ يقدم لسبقه ولو لزمه قود بعد المحاربة تعينت الدية لوليه وقدم حكم المحاربة لسبقها.
● باب حكم الصيال وجناية البهيمة من صال على نفسه أو حرمته أو ماله آدمي أو بهيمة فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه وإن قتل فهو شهيد ويلزمه الدفع مع القدرة عن حرمته دون ماله وفي نفسه روايتان. ومن دخل منزل رجل متلصصا فحكمه كذلك. ومن عض يد إنسان فانتزعها من فمه فسقطت ثناياه ذهبت هدرا. وإن نظر في بيته من خصاص الباب ونحوه فحذف عينه ففقأها فلا شيء عليه. ومن قتل إنسانا في داره مدعيا دفعه لصياله أو تجارح اثنان وادعى كل واحد أنه جرح دفعا عن نفسه ولا بينة وجب القود أخذا بقول المنكر. وجناية البهيمة مهدرة إلا ليلا إذا لم تحفظ عن الخروج فيه ونهارا إذا أرسلت عمدا بقرب ما تفسده عادة وفيهما إذا كان معها راكب أو قائد أو سارق فيضمن ما جنت بيدها أو فمها ووطء رجلها دون نفحها ابتداء ويضمن نفحها لكبحها باللجام ونحوه ولو أنه لمصلحة وعنه يضمن جناية الليل بكل حال. ومن اقتنى في منزله كلبا عقورا فجنى على داخله ضمنه إن دخله بإذنه وإلا فلا.
● باب حد السكر كل شراب أسكر كثيرة فقليله حرام وهو خمر من أي شيء كان ولا يباح شربه لتداو ولا عطش ولا غيره إلا لدفع لقمة بها ولم يحضره غيره.
● باب التعزير وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة كاستمتاع لا حد فيه وسرقة لا قطع فيها وجناية لا قود فيها وقذف بغير الزنا ونحوه. وفي المعصية التي فيها كفارة كالظهار وقتل شبه العمد ونحوهما وجهان ولا يبلغ بتعزير الحر أدنى حد عليه وكذلك العبد إلا فيما أشبه الوطء كوطء الأمة المتزوجة أو المشتركة أو المحرمة برضاع أو وطء الأجنبية دون الفرج ونحوه فيجوز أن يبلغ به في الحر مائة جلدة بلا نفي وفي العبد خمسون إلا سوطا ويجوز النقص منه على حسب ما يراه السلطان وعنه لا يزاد في كل تعزير على عشر جلدات لخبر أبي بردة. وإذا وطئ الأب جارية ابنه عزر إن لم تحبل منه وإن حبلت فوجهان.
● باب إقامة الحد لا تجوز إقامة الحد إلا للإمام أو نائبه إلا سيد الرقيق فإنه له أن يحده للزنا والشرب والقذف وهل له قتله بالردة وقطعه للسرقة على روايتين وعنه ليس للسيد إقامة حد بحال. فعلى الأولى وهي المذهب ليس له ذلك على المعتق بعضه ولا على أمته المزوجة وهل له ذلك مع كونه فاسقا أو امرأة أو مكاتبا أو مع كون الرقيق مكاتبا على وجهين. ويملك السيد إقامة الحد بعلمه خلاف الإمام نص عليه ومنع منه القاضي تسوية بينهما. ولا يقام حد في المسجد ويضرب الرجل في الحد بسوط لا خلق ولا جديد ولا يمد ولا يربط ولا يجرد بل يكون عليه قميص وقميصان وعنه تجويز تجريده ولا يبالغ بضربه بحيث يشق الجلد ويفرق الضرب على بدنه وهو قائم ويتقي الرأس والوجه والفرج والمقاتل وعنه يضرب جالسا فعلى هذه يضرب الظهر وما قاربه والمرأة كالرجل في ذلك لكن تضرب جالسة ولا تجرد رواية واحدة وتشد عليها ثيابها وتمسك يداها لئلا تنكشف. وأشد الجلد الجلد للزنا ثم للقذف ثم للشرب ثم للتعزير. ويجوز الضرب في حد الشرب بالجريد والنعال. ولا يؤخر الجلد لمرض ولا ضعف نص عليه بل يقام إذا خشي من السوط بأطراف الثياب وعتكول النخل ويحتمل أن يؤخر للمرض المرجو البرء فأما القطع فلا يجوز مع خشية التلف بحال. ومن مات في حده فالحق قتله وإن زاد الضارب سوطا أو أكثر ضمنه بديته كما لو ضربه بسوط لا يحتمله وقيل يضمنه بنصفها. ولا يحفر للمرجوم في الزنا وإن كان امرأة وقيل يحفر للمرأة إلى الصدر إذا رجمت بالبينة. ويستحب أن يبدأ بالرجم شهود الزنا أو الإمام إن ثبت بالإقرار. ومن رجع عن إقراره بزنى أو سرقة أو شرب قبل إقامة الحد سقط وإن رجع في أثنائه سقطت بقيته وإن هرب منه ترك فإن تمم عليهما ضمن الراجع دون الهارب. وإذا اجتمعت حدود لله تعالى تداخل منها الجنس الواحد دون الأجناس إلا أن يكون فيها قتل فيستوفى وحده ويدخل فيه سائرها وإن كانت للآدميين لم تتداخل بحال ويبدأ منها بالأخف فالأخف وكذلك مالا يتداخل من حقوق الله تعالى فمن تكرر شربه وسرقته جلد حدا واحدا ثم قطعت يمينه وإن قتل في المحاربة مع ذلك قتل لها ولم يجلد ولم يقطع ولو زنى وشرب وقذف وقطع يدا قطع أولا ثم حد للشرب ثم للزنا ولا يستوفى في حد يبرأ مما قبله. ومن اجتمع عليه قتلان بردة وقود أو قطعان بسرقة وقود قطع وقتل لهما وقيل للقود خاصة. ومن قتل أو جرح أو أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إليه لم يستوف منه فيه لكن لا يبايع ولا يشارك حتى خرج منه فيقام عليه وعنه يستوفى فيما دون النفس في الحرم وإن جنى في الحرم حد بالواجب فيه. ومن أتى في الغزو حدا لم يستوف منه في أرض العدو فإن رجع أقيم عليه في دار الإسلام.
● باب قتال أهل البغي إذا خرج قوم لهم شوكة ومنعة على الإمام بتأويل سائغ فهم بغاة وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه فإن ذكروا مظلمة أزالها وإن ادعوا شبهة كشفها فإن فاءوا وإلا قاتلهم وعلى رعيته معونته فإن استنظروه مدة ورجي فيئهم أنظرهم وإن خشي مكيدة لم ينظرهم وقاتلهم ولا يقاتلهم بما يعم إتلافه كالنار والمنجنيق ولا بكفار يستعين بهم إلا لضرورة وفي استعانته بسلاح البغاة وكراعهم عليهم لغير ضرورة وجهان ولا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا يغنم لهم مالا ولا تسبى لهم ذرية وإذا أسر منهم رجل أو صبي أو امرأة حبس حتى تنقضي الحرب ثم أرسل وقيل يخلى الصبي والمرأة في الحال وإذا انقضى الحرب فمن وجد منهم ماله بيد إنسان أخذه وما أتلفوه عليهم في الحرب من نفس أو مال فهو هدر وفي تضمين ما أتلفوه على أهل العدل روايتان ويضمن المتلف على الطائفتين في غير حال الحرب وما أحذوه في حال امتناعهم من زكاة وخراج وجزية اعتد به ومن ادعى دفع زكاته إليهم قبل قوله بغير يمين وإن ادعى من عليه جزية أو خراج دفعه إليهم لم يقبل إلا ببينة وقيل يقبل في الخراج قول المسلم مع يمينه وهم في شهادتهم وإمضاء حكم حاكمهم كأهل العدل. وإن استعانوا بأهل عهد أو ذمة فأعانوهم انتقض عهدهم إلا أن يدعوا شبهة بأن ظنوا وجوب إجابتهم ونحوه فلا ينتقض لكن يغرمون ما أتلفوه من نفس ومال. وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم وأبيح قتلهم. وإذا أظهر قوم رأى الخوارج ولم يجتمعوا الحرب تركوا فإن سبوا الإمام عزرهم وإن عرضوا بسبه فوجهان وإن أتوا حد أو جناية ألزمهم موجبها وإذا اقتتلت طائفتان لعصبية أو رياسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت للأخرى.
● باب المرتد وهو الكافر بعد إسلامه فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو صفة من صفاته أو بعض كتبه أو رسله أو سب الله أو رسوله فقد كفر. ومن جحد وجوب عبادة من الخمس أو تحريم الزنا أو الخمر أو حل اللحم والخبز ونحوه من الأحكام الظاهرة المجمع عليها لجهل عرف ذلك وإن كان مثله لا يجهله كفر. ومن ترك تهاونا فرض الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج بأن عزم أن لا يفعله أبدا أو أخره إلى عام يغلب على ظنه موته قبله استتيب كالمرتد فإن أصر قتل حدا وعنه كفرا نقلها أبو بكر واختارها وعنه يختص الكفر بالصلاة وعنه بها والزكاة إذا قاتل الإمام عليها وعنه لا كفر ولا قتل في الصوم والحج خاصة. ومن ارتد وهو بالغ عاقل مختار رجل أو امرأة دعي إلى الإسلام واستتيب ثلاثة أيام وضيق عليه فإن لم يسلم قتل بالسيف وهل استتابته واجبة أو مستحبة على روايتين. وأما الصبي المميز فيصح إسلامه وردته إذا كان له عشر سنين وعنه سبع وعنه لا يصحان منه حتى يبلغ وعنه يصح إسلامه دون ردته ويحال بينه وبين أهل الكفر على الروايات كلها وإذا صححنا ردة الصبي والسكران لم يقتلا حتى يستتابا بعد البلوغ والصحو ثلاثة أيام وجعل الخرقي أول الثلاثة في السكران من وقت ردته. ولا تقبل توبة الزنديق وهو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر ولا من تكررت ردته ولا الساحر المكفر بسحره ولا من سب الله أو ورسوله بل يقتلون بكل حال وعنه تقبل توبتهم كغيرهم. وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا من كان كفره بجحد فرض أو تحريم أو تحليل أو نبي أو كتاب أو رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به ولا يغنى قوله أشهد أن محمدا رسول الله عن كلمة التوحيد وعنه يغني وعنه إن كان ممن يقر بالتوحيد أغنى وإلا فلا. ومن شهد عليه بالردة فشهد أن إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لم يكشف عن شيء ولا يكفي جحده للردة. والمرتد في ملكه وتصرفه فيه كالمسلم إذا قلنا يرثه ورثته من المسلمين أو من أهل دينه الذي اختاره وإن قلنا يصير ماله فيئا فذلك من حين موته مرتدا وعنه أنه بمجرد ردته واختارها أبو بكر وعنه يتبين بموته مرتدا كونه فيئا من حين الردة. فعلى الأولى يقر بيده وتنفذ فيه معاوضاته وتوقف تبرعاته فإذا مات مرتدا ردت تبرعاته المنجزة والمعلقة بالموت وإن لم تبلغ الثلث ولو كان قد باع شقصا مشفوعا أخذ بالشفعة. وعلى الثانية يجعل في بيت المال ولا يصح تصرفه فيه لكن إن أسلم رد إليه ملكه جديدا. وعلى الثالثة يحفظه الحاكم وتوقف تصرفاته كلها فإن أسلم أمضيت وإلا تبينا فسادها وينفق منه على من تلزمه نفقته وتقضي ديونه إلا على الرواية الوسطى فإنه لا نفقة لأحد في الردة ولا يقضي دين تجدد فيها. وإذا أتلف المرتد شيئا أو أتى حدا أخذ به وإن أسلم نص عليه وقال أبو بكر إن فعله بدار الحرب أو في جماعة مرتدة ممتنعة لم يؤخذ به وقيل إذا أسلم لم يؤخذ بحق الله تعالى خاصة. ومن قتل المرتد بغير إذن الإمام عزر إلا أن يلحق بدار الحرب فلكل أحد قتله بلا استتابة وأخذ ما معه من المال فأما ما تركه بدار الإسلام فعصمته بحالها إذا لم نجعله فيئا بالردة نص عليه وقيل يتنجز جعله فيئا وهو عندي أصح. وإذا ارتد الزوجان فلحقا بدار الحرب لم يجز أن يسترقا ولا أحد من أولادهما ومن لم يسلم منهم قتل إلا من علقت به أمة في الردة فيجوز أن يسترق وفي إقراره بالجزية روايتان وقيل لا يسترق أيضا ولا تبطل الردة إحصان الرجم ولا إحصان القذف. والساحر بالأدوية والتدخين وسقي شيء يضر لا يكفر بذلك ولا يقتل بل يعزر ويقتص منه إن أتى ما يوجب قودا وأما الذي يدعي أنه يركب المكنسة فتسير به في الهواء أو أن الكواكب تخاطبه أو أنه يجمع الجن بتعزيمه فتطيعه فيكفر ويقتل إذا ظهر منه ذلك وإن لم يكن منه إلا مجرد الدعوى فعلى وجهين. ولا يقتل ساحرا أهل الذمة نص عليه وعنه ما يدل على قتله. وإذا أسلم أبو الطفل الكافران أو أحدهما أو سبى الطفل منفردا عنهما حكم بإسلامه وإن سبى مع أحدهما وهما على دينهما أو ماتا أو أحدهما في دار الإسلام فهل يحكم بإسلامه على روايتين ويرث ممن جعلناه مسلما بموته حتى لو تصور موتهما معا لورثهما ولو كان الموت في دار الحرب لم يجعل به مسلما. وقيل يجعل به مسلما تسوية بين الدارين فيه وفيه بعد. والمميز كالطفل فيما ذكرنا نص عليه وقيل لا يحكم بإسلامه حتى يسلم بنفسه كالبالغ ولا يتبع الصغير جده ولا جدته في الإسلام.
● [ كتاب الجهاد ] ●
● مدخل كتاب الجهاد وهو فرض كفاية ولا يجب على مكلف حر ذكر مستطيع بنفسه وهو الصحيح الواجد بملك أو بذل من الإمام زادا ومركوبا يحمله إذا كان بعيدا وعنه يلزم العاجز ببدنه في ماله. وأقل ما يفعل مرة في كل عام إلا أن تدعو الحاجة إلى تأخيره لضعف المسلمين وعنه للإمام تأخيره أيضا مع القوة والاستظهار لمصلحة رجاء إسلام العدو ونحوها. وأفضل ما تطوع به الجهاد وهو في البحر أفضل منه في البر ويستحب الرباط بالثغور ولو ساعة وتمامه أربعون يوما وهو بأشدها خوفا أفضل ولا يستحب ثقل الذرية والنساء إليها. والهجرة من دار الحرب مستحبة لمن أمكنه إظهار دينه بها لأزمة لمن عجز عنه واستطاعها ولا يعتبر لها راحلة ولا محرم ولا فقد عدة. ويغزو مع كل بر وفاجر يخشي تضييعه للمسلمين ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو ولا يقاتل من لم تبلغه الدعوة قبلها. ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد أو استنفره الإمام أو حصر العدو بلده تعين عليه. ولا يغزو من عليه دين آدمي ولا من له والدان حران مسلمان بدون إذنهما إلا أن يتعين فرضه بلا إذن لهما وكذلك في كل فرض ولا إذن فيه لجد ولا لجدة بحال. ولا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام إلا أن يفاجئهم عدو يخشى كلبه بالإذن فيسقط. ولا يحل للمسلمين أن يفرو من مثليهم إلا متحرفين لمصلحة قتال أو متحيزين إلى فئة يتقون بها وإن بعدت فإن جاوز العدو المثلين فلهم الفرار وهو أولى إن ظنوا طاهر هلاكهم بتركه وإن ظنوا الظفر بثباتهم فهو أولى وإن ظنوا الهلاك فيهما فالأولى أن يقاتلوا ولا يفروا ولا يستأسروا وعنه يلزمهم ذلك. وإن ألقى في سفينتهم نار فعلوا ما يرون فيه السلامة فإن شكو هل السلامة في مقامهم أو في وقوعهم في الماء أو تيقنوا الهلاك فيهما أو ظنوه ظنا متساويا خيروا بينهما أو كما لو ظنوا السلامة فيهما ظنا متساويا وعنه يلزمهم المقام. ويلزم الإمام عند تسيير الجيش تعاهد الرجال والخيل فيمنع المرجف والمخذل ومالا يصلح للحرب أن يدخل معه ويمنع النساء إلا طاعنة في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى ولا يستعين بالمشركين إلا لضرورة وعنه إن قوى جيشه عليهم وعلى العدو لو كانوا معه ولهم حسن رأى في الإسلام جاز وإلا فلا ويرفق بجيشه في السير ويعد لهم الزاد ويقوي نفوسهم بما يخيل إليهم الظفر ويتخير لهم المنازل ويتتبع المكامن ويأخذ بالعيون أخبار العدو ويمنع الجيش من الفساد والتشاغل بالتجارة ويشاور ذوي الرأي فيهم ولا يميل مع أقاربه أو أهل مذهبه على غيرهم ويعرف عليهم العرفاء ويعقد لهم الألوية والرايات بأي لون شاء ويجعل لكل طائفة شعارا يتداعون به في الحرب ويصفهم ويجعل في كل جنبه كفؤا ويلزم جيشه طاعته والنصح له والصبر معه وأن لا يتعلق أحدهم ولا يحتطب ولا يبارز علجا ولا يخرج من المعسكر ولا يحدث حدثا إلا بإذنه وإذا دعا كافر إلى المبارزة استحب لمن يثق بقوته وشجاعته إجابته فإن شرط الكافر أن لا يقاتله غير الخارج إليه أو كان هو العادة عمل به ومتى انهزم أحدهما أو أتخن بالجراح جاز الدفع والرمي لكل مسلم. ولا يقتل من العدو صبي ولا امرأة ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى لا رأى لهم إلا أن يحاربوا فإن تترسوا بهم جاز رميهم ويقصد المقاتلة وأن تترسوا بأسرى المسلمين لم يجزى الرمي إلا أن يخاف على جيش المسلمين فيجوز ويقصد به الكفار. ويجوز تبييت العدو ورميهم بالمنجنيق وقطع الماء عنهم ولا يجوز حرق نخل ولا تغريقه ولا عقر دابة إلا لأكل يحتاج إليه. ويجوز تخريب عامرهم وحرق شجرهم وزرعهم وقطعه إذا لم يضر بالمسلمين عنه لا يجوز إلا أن لا يقدر عليهم إلا به وأن يكونوا يفعلونه بنا فنفعله بهم لينتهوا وكذلك تغريقهم ورميهم بالنار. ومن أسر أسيرا وأمكنه أن يأتي به إلى الإمام لم يجز له قتله وإن لم يمكنه لامتناعه أو مرضه أو غيرهما فله قتله وعنه التوقف في المريض. ويخبر الإمام في الأسرى الأحرار المقاتلة بين القتل والاسترقاق والمن والفداء بمال أو بأسرى المسلمين لكن في استرقاق من لا يقبل منه الجزية روايتان وفي استرقاق من عليه ولاء لمسلم وجهان ويلزمه أن يختار الأصلح للإسلام فإن أسلم الأسرى تعين رقهم نص عليه وقيل يتخير بينه وبين المن والفداء وإن كان الأسير مملوكا خير بين قتله أو تركه غنيمة. ومن قتل أسيرا قبل تخير الإمام فيه لم يضمنه إلا أن يكون مملوكا. وأما النساء والصبيان فهم رقيق بنفس السبي وكذلك من فيه نفع ممن لا يقتل كالأعمى ونحوه. وإذا صار للمسلمين رقيق محكوم بكفره من ذكر وأنثى وبالغ وصغير كالمسبي مع أبويه جاز أن يفتدى بهم أسارى مسلمون ونقل عنه محمد بن الحكم لا يجوز ذلك إلا بالصغير ولا يجوز بيعهم من كافر ولا حربي ولا مفاداتهم بمال في الأشهر عنه وعنه جواز ذلك وعنه جوازه في البلغ دون الصغار. وإذا حاصر الإمام حصنا لزمته مصابرته مهما أمكن فإن سألوا عقد هدنة جاز إذا وجد شرطه وسنذكره. وإن نزلوا على حكم حاكم جاز إذا كان رجلا مسلما حرا عدلا مجتهدا في أمر الجهاد ولا يحكم إذا بما فيه الحظ للإسلام من قتل أو رق أو فداء. وإن حكم بالمن فأباه الإمام لزمه حكمه وقيل لا يلزم وقيل يلزم في المقاتلة دون النساء والذرية. وليس للإمام قتل من حكم برقه ولا رق من حكم بقتله ولا رق ولا قتل من حكم بفدائه وليس المن على الثلاثة وله قبول الفداء ممن حكم بقتله أو رقه. ومتى حكم برق أو فداء ثم أسلموا فحكمه بحاله وإن حكم بقتلهم وسبى ذريتهم ونسائهم ثم أسلموا عصموا دماءهم دون أموالهم وسبيهم وفي استرقاقهم روايتان وللإمام المن كما سبق. ومن أسلم منهم قبل الحكم فهو كمن أسلم قبل القدرة عليه يعصم نفسه وذريته وماله حيث كانا ولا يعصم زوجته إذا لم تسلم وإن عصم حملها.
● باب قسمة الغنيمة وأحكامها الغنيمة كل مال أخذ من الكفار قهرا بالقتال وتملك بالاستيلاء عليها ولو بدار الحرب وتجوز قسمتها وتبايعها فيها لكن إن أخذها العدو من اشترى فهل هي من ضمانه أو ضمان البائع على روايتين. ويبدأ في قسمتها بثلاثة أصناف. أحدها دفع ما وجد فيها من مال مسلم أو معاهد إليه إذا كان مما أخذه العدو أخذا لا يملك به مسلم ثم إن كانوا قد أخذوه قهرا فقد ملكوه إلا ما كان حبيسا أو وقفا وفي أم الولد روايتان وعنه لا يملكونه حتى يحوزوه بدراهم ولو أبق عبد أو شرد حيوان لمسلم إليهم ملكوه وعنه لا يملكونه بخلاف أخذه قهرا ولا يملك المستأمن ما أخذه بدارنا بغصب أو عقد فاسد وكل ما قلنا لم يملكوه فلا قسم بحال ويوقف إذا جهل ربه ولربه أخذه بغير شيء حيث وجده ولو بعد القسمة أو الشراء منهم أو إسلام آخذه وهو معه وكل ما قلنا قد ملكوه ما عدا أم الولد فإذا غنمناه وعرف ربه قبل قسمته رد إليه إن شاء وإلا بقي غنيمة وإن لم يعرف ربه بعينه قسم وجاز التصرف فيه ومتى وجده ربه وقد قسم أو اشترى منهم فلا حق له فيه بحال كما لو وجده بيده المستولي عليه وقد أسلم أو أتانا بأمان وعنه له أخذه في القسمة بقيمته وفي الشراء بثمنه وعنه لا حق له في المقسوم وله أخذ المشتري بالثمن وهو المشهور عنه وإن وجده ربه بيد من أتهبه منهم فله أخذه مجانا في ظاهر مذهبه وعنه إنما يأخذه بالقيمة وعنه لا حق له فيه ذكرها القاضي في المجرد. ولو باعه مشتريه أو متهبه أو وهباه أو كان عبدا فأعتقاه لزمه تصرفهما وهل له أخذه من آخر مشتر أو متهب مبني على ما سبق. وأما أم الولد مع قولنا ملكوها فيلزم السيد قبل القسمة أخذها ويتمكن منه بعدها بالعوض رواية واحدة ونصر أبو الخطاب في تعليقه أن الكفار لا يملكون مال مسلم بالقهر وأنه يأخذه بغير شيء حتى ولو كان مقسوما ومن العدو إذا أسلم وذلك مخالف لنصوص أحمد رضي الله عنه. ولا يملك الحر المسلم بالقهر ومن اشتراه منهم فله عليه ثمنه دينا ما لم ينو التبرع به. الصنف الثاني دفع السلب إلى مستحقه وهو كل من غرر بنفسه في حال الحرب بقتل كافر ممتنع مقبل على القتال فإنه يستحق سلبه غير مخموس إلا أن يكون القاتل من أهل الرضخ أو المقتول صبيا أو امرأة فقد قاتلا ففيه وجهان ومن اشترك اثنان في قتله فسلبه غنيمة وقيل لهما وإن قتله واحد وقد قطع آخر يده ورجله فسلبه غنيمة وقيل للقاطع كما لو قطع أربعته وإن قطع يديه أو رجليه فسلبه غنيمة وقيل للقاتل كما لو قطع يدا أو رجلا. وإن أسره رجل ثم قتله الإمام أو استحياه فسلبه ورقبته إن أرق وفداؤه إن فدى غنيمة وقيل الكل لمن أسره وعنه لا يستحق السلب إلا أن يشرطه الإمام فيعمل بشرطه. والسلب ما كان عليه من ثياب وحلي وسلاح ودابته بآلتها بشرط أن يقاتل عليها وعنه هي من السلب وإن قاتل راجلا آخذا بعنانها وعنه ليست الدابة من السلب بحال وأما خيمته ورحله ونفقته وجنيبته فغنيمتة. الصنف الثالث أن يعطي أجرة من جمعها وحملها وحفظها ويعطى من دل الجيش على حصن أو طريق أو ماء جعله إن شرطه في مال العدو وإن كان مجهولا بخلاف ما لو شرطه في بيت المال فإنه لا يجوز إلا معلوما وإن جعل له امرأة منهم فماتت قبل الفتح فلا شيء له وإن أسلمت قبل الفتح وهي حرة فله قيمتها وإن أسلمت قبله أو بعده وهي أمة أخذها مع إسلامه وقيمتها مع كفره ولو فتح الحصن صلحا فله قيمتها فإن أبى إلا المرأة ولم تبذل فسخ الصلح وقيل لا يفسخ ويتعين له قيمتها وهو الأصح وإن بذلوها مجانا أو بقيمتها فقال أصحابنا يلزم أخذها ودفعها إليه وعندي يختص ذلك بالأمة وأما حرة الأصل فلا يحل أخذها بحال وتتعين القيمة. وكل موضع أوجبنا ولم نغنم شيئا أعطيها من بيت المال. ● فصل ثم بعد الأصناف الثلاثة يخمس الباقي فيقسم خمسة على خمسة أسهم سهم لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين كالفيء وعنه يصرف في السلاح والكراع والمقاتلة خاصة. وسهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب ابني عبد مناف حيث كانوا غنيهم وفقيرهم فيه سواء نص عليه وقال ابن شاقلا يختص بفقرائهم وفي تفضيل ذكرهم على أنثاهم روايتان ولا شيء فيه لمواليهم. وسهم اليتامى الفقراء وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل من المسلمين. ثم يعطى النفل بعد ذلك وهو الزيادة على السهمان لمصلحة يراها الأمير ولا خلاف في جوازه مع الشرط في موضعين. أحدهما أن يجعل جعلا لمن يعمل عملا فيه غناء عن المسلمين ويراه مصلحة كقوله من طلع هذا الحصن أو نقبه فله من الغنيمة كذا أو من جاء بأسير فله كذا أو من جاء بعشرة أرؤس فله منها رأس فهو جائز مالم يجاوز مجموعه ثلث الغنيمة بعد الخمس. الثاني أن ينفذ من الجيش في أرض الحرب سرية تغير أمامه ويشرط لهم الربع فما دون بعد الخمس أو تغير خلفه قافلا ويشرط لهم الثلث فما دون بعد الخمس وهل له فعل ذلك في الموضعين بغير شرط على روايتين وهل له أن يجاوز الثلث بالشرط وأن يقول من أخذ شيئا فهو له إذا احتاج أن يحرض به وأمن المفسدة معه على روايتين. ولا يجوز مجاوزة الثلث بغير شرط رواية واحدة. وكل موضع منعناه منه واحتاج إليه لمصلحة جعله من مال المصالح. ثم يقسم الباقي بعد النفل على من شهد الوقعة أو آخرها بقصد الجهاد قاتل أو لم يقاتل إلا مايستثنى فيما بعد فيجعل للرجل المسلم الحر المكلف إن كان راجلا سهم وإن كان فارسا ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه إلا أن يكون فرسه برذونا وهو النبطي الأبوين أو هجينا وهو ما أمه نبطية وأبوه عربي أو مقرفا وهو عكس الهجين فيجعل له سهم وعنه لا يسهم له وعنه له سهمان كالعربي ومن غزا بفرسين أو أكثر أسهم لفرسيه لا غير. ويرضخ للصبي المميز والمرأة والعبد والكافر ولا تلزم التسوية بينهم. ولا يبلغ برضخ أحدهم لنفسه سهم راجلهم ولا لفرسه سهم الفرس إلا لعبد يغزو على فرس سيده فيسهم له سهما كفرس الحر وعنه يسهم للكافر كالمسلم. ومن غصب فرسا فغزا به أسهم للفرس وكان لربه فإن غصبه ذو رضخ فهل يسهم للفرس أو ترضخ على وجهين. ولا رضخ ولا سهم لمركوب غير الخيل ونقل عنه مهنا يسهم لراكب البعير به سهم ونقل الميموني يسهم له سهم إذا لم يقدر على غيره وقال القاضي في الأحكام السلطانية للفيل والبعير سهم الهجين على اختلاف الرواية في قدره. ومن مات أو انصرف في أثناء الوقعة أو صار فيها الفارس راجلا بموت فرسه أو شروده أو غيرهما أو الراجل فارسا أو عتق فيها عبد أو بلغ صبي أو أسلم كافر أو لحق مدد أو أسير مفلت ثم انقضت الحرب جعلوا كمن كان في الوقعة كلها كذلك وإن كان ذلك بعد انقضاء الحرب لم يؤثر وجعل حق الميت لورثته. ويسهم لأجير الخدمة دون من استؤجر للجهاد ممن لم يلزمه أو يتعين عليه وعنه لا يسهم لهما وعنه يسهم لهما كالتجار والصناع وعنه لا تصح الإجارة على الجهاد فتجعل كالمعدومة وقيل لا تصح إلا ممن لا يلزمه كالعبد والكافر والمرأة. ويشارك الجيش سراياه فيما غنمت بعد نفلها وتشاركه فيما غنم. ويسهم لطليعة الجيش ولكل من بعث في مصلحته. ولا حق في الغنيمة لفرس عجيف ولا لمخذل ولا مرجف ولا لمن نهاه الإمام أن يحضر ولا لكافر لم يستأذنه ولا لعبد لم يأذن له سيده ولا لمريض مرضا يمنعه القتال. وما أخذ من مباح دار الحرب مما له قيمة لو أهداه الكفار لأمير الجيش أو بعض قواده فهو غنيمة للجيش نص عليه وقيل الهدية فئ. ومن أخذ طعاما أو علفا فله أن يطعم نفسه ودابته بغير إذن ما لم يحرزه الإمام. ويوكل به من يحفظه فلا يجوز إلا لضرورة نص عليه وأجازه القاضي في المجرد ما داموا في أرض الحرب. وليس له بيع ما أبيح له فإن باعه رد ثمنه في المغنم وإن فضل معه منه شيء رد في المغنم وعنه له أخذه إذا كان يسيرا. ومن أخذ سلاحا أو ثوبا أو فرسا فله أن يقاتل به حتى يقتضى الحرب ثم يرده وعنه المنع في الثوب والفرس. ومن استؤجر لحفظ الغنيمة لم يركب منها دابة إلا بالشرط. وإذا أعتق الغانم رقيقا من المغنم أو كان فيه من يعتق عليه عتق عليه إن استوعبه حقه وإلا كان المعتق للشقص نص عليه فيهما وقال القاضي في خلافه لا يعتق وعندي إن كانت الغنيمة جنسا واحدا فكالمنصوص وإن كانت أجناسا فكقول القاضي. ومن أسقط من الغانمين حقه سقط ورد على من بقي ولو أسقط الكل حقوقهم صارت فيئا. وإذا دخل قوم دار الحرب بغير إذن الإمام المعتبر كان ما غنموه فيئا وعنه هو لهم بعد الخمس كالغنيمة وعنه إذا لم يكن لهم منعة فهو لهم غير مخموس. ومن غل من الغنيمة وهو حر مكلف حرق رحله الذي معه إلا السلاح والمصحف والحيوان وآلة دابته وثيابه التي عليه وفي حرمانه سهمه روايتان فان مات قبل تحريقه سقط وهل السارق منها في ذلك كالغال على وجهين.
● باب حكم الأرضين المغنومة من الكفار وهي ثلاث أرض فتحت عنوة بالسيف فيخبر الإمام بين قسمها كالمنقول وبين أن يقفها على المسلمين فيمتنع بيعها ويضرب عليها خراج مستمر كالأجرة تؤخذ ممن تقر بيده من مسلم أو معاهد وعنه تصير وقفا بنفس الفتح وعنه تقسم لا غير. وأرض جلا عنها أهلها خوفا منا فظهرنا عليها. وأرض صالحونا على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج فكل واحدة منهما تصير وقفا بنفس ملكنا لها وخراجها كما قدمنا وعنه لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام فتكون بدونه كالفيء المنقول وكأرض بيت المال الموروثة. وأما ما صولحوا على أنها لهم ولنا الخراج عليها فهذه ملك لهم وخراجها كالجزية تسقط إن أسلموا أو صارت لمسلم فإن صارت لذمي من غير أهل الصلح فوجهان وعنه لا يسقط خراجها بإسلام ولا غيره كإتلاف المغنومة ويرجع في قدر الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقص بحسب الطاقة وعنه لا يخرج عما وظفه عمر رضي الله عنه وعنه تجوز الزيادة فيه دون النقص منه وعنه جوازهما في الخراج الجزية وهو أصح وعنه جوازهما فيهما إلا جزية أهل اليمن لا يخرج عن الدينار فيها. والأشهر عن عمر أنه وظف على جريب الزرع درهما وقفيزا من طعامه وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب الرطبة ستة دراهم. وقد روى عنه غير ذلك وقد القفيز ثمانية أرطال صاع عمر قفيز الحجاج نص عليه وذلك ثمانية أرطال بالعراقي وقيل القفيز هنا بالعراقي ستة عشر رطلا وقيل ثلاثون والجريب مائة قصبة مكسرة والقصبة ستة أذرع بالذراع العمرية وهي ذراع وسط وقبضة وإبهام قائمة. والخراج على المزارع دون المساكن. وإنما كان أحمد ينسج داره ويخرج عنها لأن أرض بغداد كانت حين فتحت مزارع ولا خراج إلا علي ما يناله ماء السقي زرع أو لم يزرع وعنه يجب على كل ما أمكن زرعه اكتفاء بماء السماء وما يراح عاما ويزرع عاما عادة ففيه نصف خراج. وإذا كان بأرض الخراج يوم وقفها شجر فثمره المستقبل لمن تقر بيده وفيه عشر الزكاة كالمجدد فيها وقيل هو للمسلمين غير معشر والخراج كالدين يحبس به الموسر وينظر به المعسر وللإمام وضعه عمن له وضعه فيه. ويجوز أن يرشى العامل لدفع الظلم لا لترك الحق وارتشاؤه حرام فيهما ولا خراج على مزارع مكة بحال وهل فتحت عنوة أو صلحا على روايتين وقيل عليها الخراج على رواية العنوة ولا يجوز بيع رباعها ولا إجارتها إلا إذا قلنا فتحت صلحا. ولا يجوز بيع أرض الشام ومصر والعراق ونحوها مما فتح عنوة ولم يقسم على الأصح وعنه إلا المساكن وأرضا من العراق فتحت صلحا وهي الحيرة وألليس وبانقيا وأرض بني صلوبا.
● [ لكتاب الجهاد بقية ] ●
كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني منتدى ميراث الرسول - البوابة