من طرف صبايا السبت مارس 31, 2018 2:56 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة التاريخ
عجائب الآثار
الجزء الأول
{ الفصل الثاني }
في ذكر حوادث مصر وولاتها واعيانها ووفيات
فى سني الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة
{ أحداث شهرى جمادى سنة 1214 }
واستهل شهر جمادى الاولى بيوم الجمعة
فيه اهتم الفرنسيس بعمل عيدهم المعتاد وهو عند الاعتدال الخريفي وانتقال الشمس لبرج الميزان فنادوا بفتح الاسواق والدكاكين ووقود القناديل وشددوا في ذلك وعملوا عزائم وولائم واطعمة ثلاثة ايام آخرها يوم الاثنين ولم يعملوه على هيئة العام الماضي من الاجتماع بالازبكية عند الصارى العظيم المنتصب والكيفية المذكورة لان ذلك الصارى سقط وامتلآت البركة بالماء فلما كان يوم الاحد نبهوا على الامراء والاعيان بالبكور الى بيت سارى عسكر فاجتمع الجمع في صبح يوم الاثنين فركب سارى سكر معهم في موكب كبير وذهبوا الى قصر العيني فمكثوا هناك حصة وعرضت عليهم العساكر جميعها على اختلاف انواعها من خيالة ورجالة وهم بأسلحتهم وزينتهم ولعبوا لعبهم في ميدان الحرب وخلع سارى عسكر على الشيخ الشرقاوي والقاضي واغاة الينكجرية خلع سمور ثم رجع الى منازلهم ثم نودى في جميع الاسواق بوقود اربع قناديل على كل دكان في تلك الليلة ومن لم يفعل ذلك عوقب ثم عملوا بالازبكية حراقة نفوط ومدافع وسواريخ ولعبوا في المراكب طول ليلهم
وفي سابعه بعد عيد الصليب نقص ماء النيل وكان من اول زيادته قاصرا عن العادة وزيادته شحيحة فضج الناس وانكبوا على شراء الغلة وازدحموا في الرقع والسواحل وطلب باعة الغلة الزيادة في السعر فجمع الفرنساوية كل من كان له مدخل في تجارة الغلال وزجروهم وخوفوهم وقالوا لهم هذه الغلة الموجودة الان انما هي زراعة العام الماضي واما هذا العام 2 فلا تخرج زراعته الا في العام المستقبل فانزجروا وباعوا بالسعر الحاضر وقد كاد يقع الغلاء العظيم لولا الطاف الله ورحمته ونعمه العميمة الشاملة حصلت
وفيه ارسلوا جملة عساكر من الفرنساوية الى مراد بك بناحية الفيوم وعليهم كبير فوقع بينهم وبينه امور لم اتحقق تفصيلها وترددت بينه وبين سارى عسكر الرسل والمراسلات ووقع بينه وبينهم الهدنة والمهاداة واصطلح معهم على شروط منها تقليده امارة الصعيد تحت حكمهم وفي هذا الشهر كثرت الاشاعة باجتماع عساكر عثمانية جهة الشام فكثر اهتمام الفرنساوية باخراج الجبخانات والمدافع وآلات الحرب والقومانية والعساكر وتحصين الصالحية والفرين وبلبيس
{ أحداث شهر رجب سنة 1214 }
واستهل شهر رجب بيوم الجمعة
وفيه كثرت الاقوال وتواترت الاخبار بوصول الوزير الاعظم يوسف باشا الى الديار الشامية وصحبته نصوح باشا وعثمان أغا كتخدا الدولة وحسين اغا نزله امين ومصطفى افندي الدفتردار وباقي رجال الدولة وعسفوا في البلاد الشامية وضربوا عليهم الضرائب العظيمة وجبوا الاموال وفعلوا مالا خير فيه من الظلم وقتل الانفس بسبب استخلاص الاموال فلما كان في منتصفه وردت الاخبار بوصولهم الى غزة العريش وانهم حاصروا قلعة العريش وقاتلوا من بها من عسكر الفرنساوية حتى ملكوها في تاسع عشره واحتووا على ماكان فيها من الذخيرة والجبخانة وآلات الحرب وصعد مصطفى باشا الذي باشر اخذ القلعة مع جملة من العسكر وبعض الاجناد المصرية وضربت النوبة وحصل لهم الفرح العظيم فاتفق انه وقعت نار على مكان الجبخانة والبارود المخزون بالقلعة وكان شيئا كثيرا فاشتعلت وطارت القلعة بمن فيها واحترقوا وماتوا وفيهم الباشا المذكور ومن معه ومحمد اغا ارنؤد الجلفي وغيره من المصرلية ومات كثير ممن كان خارجا عنها وبقربها مما نزل عليهم من النار والاحجار المتطايرة في اسرع وقت ولما تحقق الفرنساوية اخذ العريش وان عساكر العثمانيين زاحفة الى جهة الصالحية نهيأ سارى عسكر الفرنساوية واستعد للخروج والسفر في اسرع وقت وخرج بعساكره وجنوده الى الصالحية وقد كان قبل أخذ العثمانيين قلعة العريش ارسل الفرنساوية الى سينت كبير الانكليز مراسلات ليتوسط بينهم وبين العثمانيين ثم ورد فرمان من حضرة الوزير قبل وصوله لجهة العريش خطابا الى جمهور الفرنساوية باستدعاء رجلين من رؤسائهم وعقلائهم ليتشاور معهم ويتفق معهم على أمر يكون فيه المصلحة للفريقين على ما سيشترطونه بينهم فوجهوا اليه من طرفهم بوسليك رئيس الكتاب وديزه سارى عسكر الصعيد فنزلوا في البحر على دمياط وطالت مدة غيابهم وبعث كلهبر سارى عسكر رسلا من طرفه لاستفسار الاخبار
{ أحداث شهر شعبان سنة 1214 }
واستهل شهر شعبان المعظم
فورد الخبر بقدومهما في اثنين وعشرين فيه الى الصالحية فارسلوا لهما الخيول وما يحتاجان اليه وحضرا الى مصر وشاع أمر الصلح وحضر من طرف العثمانيين رئيس الكتاب والدفتردار لتقرير الصلح وجنح كل من الفريقين الى ذلك لما فيه من كف الحرب وحقن الدماء وأظهر الفرنساوية الخداع والخضوع حتى تم عقد الصلح على اثنين وعشرين شرطا رسمت وطبعت في طومار كبير وورد الخبر بذلك الى مصر وفرح الناس بذلك فرحاشديدا وأرسل سارى عسكر الفرنساوية مكاتبة بصورة الحال الى دوجا قائممقام فجمع اهل الديوان وقرأ عليهم ذلك
ولما ورد ذلك الطومار المتضمن لعقد الصلح والشروط وعربوه وطبعوا منه نسخا كثيرة فرقوا منها على الاعيان وألصقوا منها بالاسواق والشوارع
وصورته بما فيه من الفصول والشروط بالحرف الواحد ما عدا ترجمة الاسطر التي باللغة الفرنساوية وهذه صورة الشروط الواقعة لخلو مصر ما بين حضرة الجنرال ديزة متفرقة وحضرة بسليغ مدير الحدود العام نواب سرى العسكر العام كلهبر المفوضين بكامل السلطان وجناب سامي المقام مصطفى رشيد افندي دفتردار ومصطفى راسيسه أفندي رئيس كتاب الوكلاء المفوضين بكامل السلطان عن جناب حضرة الوزير سامي المقام ان للجيش الفرنساوي بمصر عندما قصد ان يوضح ما في نفسه من وفور الشوق لحقن الدماء ويرى نهاية الخصام المضر الذي قد حصل ما بين المشيخة الفرنساوية والباب العالي فقد ارتضى ان يسلم بخلو الاقليم المصري بحسب هذه الشروط الآتي ذكرها يأمل ان بهذا التسليم يمكن أن يتجه ذلك الى الصلح العام في بلاد المغرب قاطبة
الشرط الاول أن الجيش الفرنساوي يلزمه ان يتنحى بالاسلحة والعزال بالامتعة الى الاسكندرية ورشيد وابو قير لاجل ان يتوجه وينتقل بالمركب الى فرانسا ان كان ذلك في مراكبهم الخاص بهم ام في تلك التي يقتضي للباب العالي ان يقدمها لهم بقدر الكفاية ولاجل تجهيز المراكب المذكورة بأقرب نوال فقد وقع الاتفاق من بعد مضي شهر واحد من تقرير هذه الشروط يتوجه الى قلعة اسكندرية نائب من قبل الباب العالي وصحبته خمسون نفرا
الشرط الثاني فلا يدعن المهلة وتوقيف الحرب بمدة ثلاثة اشهر بالاقليم المصري وذلك من عهد امضاء شروط الاتفاق هذه واذا صادف الامر ان هذه المهلة تمضي قبل ان المراكب الواجب تجهيزها من قبل الباب العالي تحضر جاهزة فالمهلة المذكورة يقتضي مطاولتها الى ان ينجز الرحيل على التمام والكمال ومن الواضح انه لا بد عن اصراف الوسايط الممكنة من قبيل الفريقين لكي لا يحصل ما يمكن وقوعه من التجسس ان كان ذلك من الجيش من اهل البلاد اذا كانت هذه المهلة قد حصل الاتفاق بها لاجل راحتهم
الشرط الثالث فرحيل الجيش الفرنساوي يقتضي تدبيره بيد الوكلاء القادمين لهذه الغاية من قبل الباب الاعلى وسرى العسكر كلهبر واذا حصل خصام ما بين الوكلاء المذكورين بوقت الرحيل في هذا الصدد فلينتخب من قبل حضرة سيد نهى سميت رجل لينهى المخاصمات المذكورة بحسب قواعد السياسة البحرية السالكون عليها ببلاد الانكليز
الشرط الرابع قطية والصالحية لا بد عن خلوهما عن الجيش الفرنساوية في ثامن يوم وأعظم ما يكون في عاشر يوم من امضاء شروط الاتفاق هذه ومدينة المنصورة يكون خلوها من بعد خمسة عشر يوما واما دمياط وبلبيس من بعد عشرين يوما واما السويس فيكون خلوه ستة ايام قبل مدينه مصر واما المحلات الكائنة في الجهة الشرقية من بحر النيل فيكون خلوها في اليوم العاشر والدلطا أي الاقليم البحرية يكون خلوها خمسة عشر يوما من بعد خلو مصر والجهة الغربية وما يتعلق بها تستمر بيد الفرنسيس الى حد خلو مدينة مصر ولكن من حيث انها لا بد ان تستمر بيد الفرنساوية الى ان يكون انحدار العسكر من جهات الصعيد فجهة الغربية وتعلقاتها كما ذكر فممكن انه لا يتيسر خلوها الا من بعد انقضاء وقت المهلة المعين اذا لم يمكن خلوها قبل هذا الميعاد والمحلات التي تترك من الجيش فتسلم الى الباب الاعلى كما هي في حالها الآن
الشرط الخامس ثم ان مدينة مصر ان امكن ذلك يكون خلوها بعد اربعين يوما واكثر ما يكون بمدة خمسة واربعين يوما من وقت امضاء الشروط المذكورة
الشرط السادس انه لقد وقع الاتفاق صريحا على ان الباب الاعلى يصرف كل اعتناء في ان الجيش الفرنساوي الموجود في الجهة الغربية من بحر النيل عندما يقصد التنحي بكامل ماله من السلاح والعزال لنحو معسكرهم لاتصير عليه مشقة ولا أحد يشوش عليه ان كان ذلك مما يتعلق بشخص كل واحد منهم او بامتعته او بكرامته وذلك اما من اهالي البلاد واما من جهة العسكر السلطاني العثملي
الشرط السابع وحفظا لاتمام الشرط المذكور اعلاه وملاحظة لمنع ما يمكن وقوعه من الخصام والمعاداة فلا بد عن استعمال الوسائط في ان عسكر الاسلام يكون دائما متباعدا عن العسكر الفرنساوي
الشرط الثامن فمن تقرير وامضاء هذه الشروط فكل من كان من الاسلام ام من باقي الطوائف من رعايا البلم الاعلى بدون تمييز الاشخاص اولئك الواقع عليها الضبط ام الذين واقع عليهم الترسيم ببلاد فرانسا أو تحت أمر الفرنساوية بمصر يعطى لهم الاطلاق والتعلق وبمثل ذلك فكل الفرنساوية المسجونين في كامل البلدان والاساكل من مملكة العثملي وكذلك كامل الاشخاص من ايما طائفة كانت اولئك الذين كانوا في تعلق خدمة المراسلات والقناصل الفرنساوية لا بد عن انعتاقهم
الشرط التاسع فترجيع الاموال والاملاك المتعلقة بسكان البلاد والرعايا من الفريقين أم دفع مبالغ اثمانها لاصحابها فيكون الشروع به حالا من بعد خلو مصر والتدبير في ذلك يكون بيد الوكلاء في اسلامبول المقامين بوجه خاص من الفريقين لهذا المقصد
الشرط العاشر فلا يحصل التشويش لاحد من سكان الاقليم المصري من أي ملة كانت وذلك لا في اشخاصهم ولا في اموالهم نظرا الى ما يمكن ان يكون قد حصل من الاتحاد ما بينهم وبين الفرنساوية من اقامتهم بارض مصر
الشرط الحادي عشر ولا بد ان يعطى للجيش الفرنساوي ان كان من قبل الباب الاعلى او من قبل المملكتين المرتبطين معه اعني بها مملكة انكلترة ومملكة المسكوب فرمانات الاذن وأوراق المحافظة بالطريق وبمثل ذلك السفن اللازمة لرجوع الجيش المذكور بالامن والامان الى بلاد فرانسا
الشرط الثاني عشر وعند نزول الجيش الفرنساوي المذكور الكائن بمصر الان فالباب الاعلى وباقي الممالك المتحدة معه يعاهدون بأجمعهم انهم من وقت ينزلون بالمراكب الى حين وصولهم الى أراضي فرانسا لا يحصل عليهم شيء قط مما يكدرهم وبنظير ذلك فحضرة الجنرال كلهبر سرى العسكر العام يعاهد من قبله وصحبته الجيش الفرنساوي الكائن بمصر بانه لا يصدر منهم مما يؤول الى المعاداة على الاطلاق ما دامت المدة المذكورة وذلك لا ضد العمارة ولا ضد بلدة من بلدان الباب الاعلى وباقي الممالك المرتبطة معه وكذلك ان السفن التي يسافر بها الجيش المشار اليه ليس لها أن ترى في حد من الحدود الا بتلك التي تختص باراضي فرانسا ما لم يكن ذلك في حادث ما ضروري
الشرط الثالث عشر ونتيجة ما قد وقع الاتفاق عليه من الامهال المشترط أعلاه بما يلاحظ خلو الاقليم المصري فالجهات الواقع بينهم هذا الاشتراط قد اتفقوا على انه اذا حضر في حد هذه المدة المذكورة مركب من بلاد فرانسا بدون معرفة غلايين الممالك المتحدة ودخل بمينا اسكندرية فلازم عن سفره حالا وذلك من بعد ان يكون قد تحوج بالماء والزاد اللازم ويرجع الى فرانسا وذلك بسندات أوراق الاذن من قبل الممالك المتحدة واذا صادف الامران مركبا من هذه المراكب يحتاج الى الترقيع فهذه لا غير يباح لها الاقامة الى أن ينتهي اصلاحها المذكور وفي الحال من ثم تتوجه الى بلاد فرانسا نظير التي قد تقدم القول عنها عند أول ريح يوافقها
الشرط الرابع عشر وقد يستطيع حضرة الجنرال كلهبر سرى العسكر العام أن يرسل خبرا الى آرباب الاحكام الفرنساوية في الحال ومن يصحب هذا الخبر لا بد أن تعطى له اوراق الاذن بالاطلاق كما يقتضي ليسهل بهذه الواسطة وصول الخبر الى اصحاب الحكم بفرانسا
الشرط الخامس عشر واذا قد اتضح ان الجيش الفرنساوي يحتاج الى المعاش اليومي ما دامت الثلاثة اشهر المعينة لخلو الاقليم المصري وكذلك لمعاش الثلاثة الاشهر الاخرى التي يكون مبتدأها من يوم نزولهم بالمراكب فقد وقع الاتفاق على انه يقدم له مقدار ما يلزمه من القمح واللحم والارز والشعير والتبن وذلك بموجب القائمة التي تقدمت الان من وكلاء الجمهور الفرنساوي ان كان ذلك مما يخص اقامتهم او ما يلاحظ سفرم والذي يكون قد أخذه الجيش المذكور مقدار ما كان من شؤونه وذلك من بعد امضاء هذه الشروط فينخصم مما قد لزم ذاته بتقدمته الباب الاعلى
الشرط السادس عشر ثم ان الجيش الفرنساوي منذ ابتدأ وقوع امضاء هذه الشروط المذكورة ليس له ان يفرد على البلاد فردة ما من الفرائد قطعا بالاقليم المصري لا بل وبالعكس فانه يخلى للباب الاعلى كامل فر المال وغيره مما يمكن توجيه قبضه وذلك الى حين سفرهم وبمثل ذلك الجمال والهجن والجبخانة والمدافع وغير ذلك مما يتعلق بهم ولا يريدون أن يحملوه معهم ونظير ذلك شون الغلال الوارد نعلهم من تحت المال واخيرا مخازن الخراج فهذه كلها لا بد عن الفحص عنها وتسعيرها من اناس وكلاء موجهين من قبل الباب الاعلى لهذه الغاية ومن أمين البحر الانكليزي وبرفقة الوكلاء المتصرفين بأمر الجنرال كلهبر سرى العسكر وهذه الامتعة لا بد عن قبولها من وكلاء الباب الأعلى المتقدم ذكرهم بموجب ما وقع عليه السعر الى حد قدر مبلغ ثلاثة آلاف كيس التي تقتضي للجيش الفرنساوي المذكور لسهولة انتقاله عاجلا ونزوله بالمراكب واذا كانت الاسعار في هذه الامتعة المذكورة لا توازي المبلغ المرقوم أعلاه فالخسيس والنقص في ذلك لا بد عن دفعه بالتمام من قبل الباب الاعلى على جهة السلفة تلك التي يلزم بوفائها ارباب الاحكام الفرنساوية بأرواق التمسكات المدفوعة من الوكلاء المعنين من الجنرال كلهبر سرى العسكر العام لقبض واستلام المبلغ المذكور
الشرط السابع عشر ثم أنه اذا كانت تقتضي للجيش الفرنساوي بعض مصاريف لخلوهم مصر فلا بد ان نقبض وذلك من بعد تقرير تمسك الشروط المذكورة القدر المحدد اعلاه بالوجه الآتي ذكره أعني فمن بعد مضي خمسة عشر يوما خمسمائة كيس وفي غلاق الثلاثين يوما خمسمائة كيس اخرىوبتمام الاربعين يوما ثلثمائة كيس اخرى وعند تمام الخمسين يوما ثلثمائة كيس شرحه وعند غلاق الستين يوما ثلثمائة كيس أخرى وفي السبعين يوما ثلثمائة كيس أخرى وعند تمام الثمانين يوما ثلثمائة كيس اخرى وعند غلاق التسعين يوما خمسمائة كيس أخرى وكل هذه الاكياس المذكورة هي عن كل كيس خمسمائة غرش عثملي ويكون قبضها على سبيل السلفة من يد الوكلاء المعينين لهذه الغاية من قبل الباب الاعلى ولكي يسهل اجراء العمل بما وقع الاعتماد عليه فالباب الاعلىمن بعد وضع الامضاء علىالنسختين من الفريقين يوجه حالا الوكلاء الى مدينة مصر والى بقية البلاد المستمر بها الجيش
الشرط الثامن عشر ثم ان فرد المال الذي يكون قد قبضه الفرنساوية من بعد تاريخ تحرير الشروط المذكورة وقبل أن يكون قد اشتهر هذا الاتفاق في الجهات المختلفة بالاقليم المصري فقد تخصم من قدر مبلغ الثلاثة آلاف كيس المتقدم القول عنها
الشرط التاسع عشر ثم انه لكي يسهل خلو المحلات سريعا فالنزول في المراكب الفرنساوية المختصة بالحمولة والموجودة في المين بالاقليم المصري مباح به ما دامت مدة الثلاثة اشهر المذكورة المعينة للمهلة وذلك من دمياط ورشيد حتى الى الاسكندري ومن اسكندرية حتى الى رشيد ودمياط
الشرط العشرون فمن حيث انه للطمأن الكلي في جهات البلاد الغربية يقتضي الاحتراس الكلي لمنع الوبا الطاعوني عن انه يتصل هناك فلا يباح ولا لشخص من المرضى او من اولئك الذين مشكوك بهم برائحة من هذا الداء الطاعوني ان ينزل بالمراكب بل ان المرضى بعلة الطاعون او بعلة اخرى اينما كانت تلك التي بسببها لا يقتضي ان يسمح بسفرهم بمدة خلو الاقليم المصري الواقع عليها الاتفاق يستمرون في بيمارستان المرضى حيث هم الآن تحت امان جناب الوزير الاعظم عالي الشأن ويعالجونهم الاطباء من الفرنساوية اولئك الذين يجاورونهم بالقرب منهم الى ان يتم شفاهم يسمح لهم بالرحيل الشيء الذي لا بد عن اقتضاء الاستعجال به بأسرع ما يمكن ويحصل لهم ويبدو ونحوه ما ذكر في الشرطين الحادي عشر والثاني عشر من هذا الاتفاق نظير ما يجري على باقي الجيش ثم ان امير الجيش الفرنساوي يبذل جهده في ابراز الاوامر الاشد صرامة لرؤساء العساكر النازلة بالمراكب بان لا يسمحوا لهم بالنزول بمينا خلاف المين التي تتعين لهم من رؤساء الاطباء تلك المين التي يتيسر لهم بها ان يقضوا أيام الكارنتينة بأوفر السهولة من حيث انها من مجرى العادة ولا بد عنها
الشرط الحادي والعشرون فكل ما يمكن حدوثه من المشاكل التي تكون مجهولة ولم يمكن الاطلاع عليها في هذه الشروط فلا بد عن نجازها بوجه الاستحباب ما بين الوكلاء المعينين لهذا لقصد من قبل الجناب الوزير الاعظم عالي الشأن وحضرة الجنرال كلهبر سرى العسكر العام بوجه يسهل ويحصل الاسراع بالخلو
الشرط الثاني والعشرون وهذه الشروط لا تعد صحيحة الا من بعد اقرار الفريقين وتبديل النسخ وذلك بمدة ثمانية أيام ومن بعد حصول هذا الاقرار لا بد عن حفظ هذه الشروط الحفظ اليقين من الفريقين كليهما
صح وثبت وتقرر بختوماتنا الخاصة بنا بالمعسكر حيث وقعت المداولة بحد العريش في شهر يلويوز سنة ثمان من اقامة المشيخة الفرنساوية وفي رابع عشرين شهر شعبان هلالية سنة 1224 هجرية الممضين الجنرال متفرقة ذره البلدي بوسيهلغ المفوضين بكامل سلطانه الجنرال كلهبر وجناب سامي مقام مصطفى رشيد أفندي دفتردار ومصطفى راسيسه افندي رئيس الكتاب المفوضين بكامل سلطان جناب الوزير الاعظم عالي الشأن منقولة عن النسخة الاصلية الموافقة لتلك الموجهة بالفرنساويةالى الوكلاء العثملي بدلا من التي قد وجهوها باللغة التركية ممضي درزه وبوسيهلغ تقرير الجنرال سرى العسكر العام محرر في آخر السنة التركية التي بقيت محفوظة بيد الوزير الاعظم انني انا الواضع اسمي ادناه الجنرال سري العسكر العام أمير الجيش الفرنساوية بالاقليم المصري اثبت واقرر شروط الاتفاق المذكور اعلاه للحصول على اجرائه بالعمل بالنوع والصورة ان كان من اللازم ان اتيقن بان الاثنين وعشرين شرطا المشروحة الى الان هي موافقة على التدقيق باللغة الفرنساوية الممضي عليها من الوكلاء اصحاب ولاية الوزير الاعظم والمقررة من جناب عالي الشأن الترجمة التي لا بد عن الاعتماد بأجرائها كل مرة ان كان لسبب أم لآخر ممكن حصول بعض الاختلافات ومن ثم فتقلد بعض المشاكل
صح وجرى بمحل العسكر العام بالصالحية في ثامن شهر بلويوز سنة ثمان من المشيخة ممضي كلهبر عن نسخة صحيحة الجنرال متفرقة راس صاحب ختام في الجيش الفرنساوية ممضى داماس انتهى بحروفه وما فيه من خطأ او تحريف فهو طبق الاصل المطبوع بالمطبعة الفرنساوية باللغة العربية ولم أغير منه سوى ما في تواريخ الاشهر والسنين بالارقام الهندية والله أعلم
{ أحداث شهر رمضان سنة 1214 }
استهل شهر رمضان المعظم بيوم الاحد
في ثانيه حضر سارى عسكر الفرنساوية كلهبر الى ناحية العادلية وصحبته اغا من رجال الدولة العثمانية يسمى محمد اغا فأرسل سارى عسكر الى حسن اغا نجاتي المحتسب يأمره بأن يتلقاه وينزله في بيته ويكرمه اكراما زائدا فلما كان بعد العشاء دخل ذلك الاغا الى مصر في موكب فحصل للناس ضجة عظيمة وازدحموا على مشاهدتهم له والفرجة عليه وارتفعت اصواتهم وعلا ضجيجهم وركبوا على مصاطب الدكاكين والسقائف وانطلقت النساء والزغاريت من الطيقان واختلفت آراؤهم في ذلك القادم ولم يعلموا ما هو فدخل من باب النصر وشق القاهر ولم يزل سائرا حتى وصل الى بيت حسن اغا بسويقة اللالا فنزل هناك فلما استقر به الجلوس ازدحم الناس والاعيان للسلام عليه ولمشاهدته بالمشاعل والفوانيس فلما كان صبح تلك الليلة عمل ديوانا وجمع العلماء والوجاقلية واعيان الناس وكبار النصارى من الاقباط والشوام فلما تكاملوا ابرز لهم فرمانا من الوزير فقرىء عليهم بالمجلس فدل مضمونه على انه اغات الجمارك أي المكوس بمصر بولاق ومصر القديمة وفيه التحكير على جميع الواردات من اصناف الاقوات فيشتريها بالثمن الذي يسعره هو بمعرفة المحتسب ويودعه في المخازن وابرز فرمانا آخر قرى بالمجلس مضمونه ان الوزير اقام مصطفى باشا الذي كان اسر بأبي قير وكيلا عنه وقائممقام بمصر الى حين حضوره وان السيد أحمد المحروقي كبير التجار ملزوم ومقيد بتحصيل الثلاثة آلاف كيس المعينة لترحيل الفرنساوية
وانفض المجلس على ذلك وأخذ السيد احمد المحروقي في تحصيل ذلك القدر من الناس وفرضوه عل التجار وأهل الاسواق والحرف وشرعوا في تحكير الاقوات فغلت أسعارها وضاقت مؤن الناس ودهى الناس من أول احكامهم بهاتين الداهيتين وكان أول قادم منهم أمير المكوسات ومحكر الاقوات وأول مطلوبهم مصادرة الناس وأخذ المال منهم وتغريمهم واجتهد السيد احمد الحروقي في توزيع ذلك وجمعه في ايام قليلة فكان كل من توجه عليه مقدار من ذلك اجتهد في تحصيله واخرجه عن طيف قلب وانشراح خاطر وبادر بالدفع من غير تأخير لعلمه ان ذلك لترحيل الفرنساوية ويقول سنه مباركة ويوم سعيد بذهاب الكلاب الكفرة كل ذلك بمشاهدة الفرنسيس ومسمعهم وهم يحقدون ذلك عليهم وحضر مصطفى باشا من الجيزة وسكن ببيت عبد الرحمن كتخدا بحارة عابدين
وارسل الوزير فرامانات الى البلاد وعين المعينين والمباشرين بطلب المال والغلال والكلف من الاقاليم وأرسل الى البنادر وجعل في كل بندر اميرا ووكيلا لجمع الغلال والمطلوبات من الذخيرة وجمعها بالحواصل ولا يخفي ما يحصل في ضمن ذلك من الجزئيات التي سيتضح بعضها فيما بعد وأما الرعايا وهمج الناس من اهل مصر فانهم استولى عليهم سلطان الغفلة ونظروا للفرنسيس بعين الاحتقار وأنزلوهم عن درجة الاعتبار وكشفوا نقاب الحياء معهم بالكلية وتطاولوا عليهم بالسبب واللعن والسخرية ولم يفكروا في عواقب الامور ولم يتركوا معهم للصلح مكانا حتى ان فقهاء المكاتب كانوا يجمعون الاطفال ويمشون بهم فرقا وطوائف حسبة وهم يجهرون ويقولون كلاما مقفى بأعلى أصواتهم بلعن النصارى وأعوانهم وافراد رؤسائهم كقولهم الله ينصر السلطان ويهلك فرط الرمان ونحو ذلك وظنوا فروغ القضية ولم يملكوا لانفسهم صبرا حتى تنقضي الايام المشروطة على ان ذلك لم يثمر الا الحقد والعداوة التي تأسست في قلوب الفرنسيس وأوجبت ما حصل بعد ذلك من وقوع العذاب البئيس
وقال الشعبي من جملة كلام وصادفنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء وأخذ الفرنساوية في اهبة الرحيل وشرعوا في مبيع امتعتهم وما فضل عن سلاحهم ودوابهم وسلموا غالب الثغور والقلاع كالصلحية وبلبيس ودمياط والسويس ثم ان العثمانين تدرجوا في دخول مصر وصار في كل يوم يدخل منهم جماعة بعد جماعة واخذوا يشاركون الناس في صناعاتهم وحرفهم مثل القهوجية والحمامية والخياطين والمزينين وغيرهم فاجتمع العامة واصحاب الحرف الى مصطفى باشا قائمقام وشكوا اليه فلم يلتفت لشكواهم لان ذلك من سنن عساكرهم وطرائفهم القبيحة
وورود الخبر بوصول حضرة الوزير الى بلبيس وصحبته الامراء المصرية وارسلوا الى مراد بك ومن معه بالحضور الى العرضي فأجاب بالاعتذار عن الحضور لانه في الصعيد فلم يقبلوا عذره فأكدوا عليه بالحضور فاستأذن الفرنساوية سرا فاستأذنوا له في المقابلة وكان سفيره في ذلك عثمان بك البرديسي ثم انه حضر وقابل الوزير بصحبة ابراهيم بك وخلع عليهما ورجع مراد بك فخيم جهة العادلية وحضر حسن أغا نزله أمين ودخل مصر واخلى الفرنساوية قلعة الجبل وباقي القلاع التي احدثوها ونزلوا منها فلم يطلع اليها احد من العثمانيين ولم يلتفتوا لتحصينها ولا ربطها بالعساكر والجبخانة واعرضوا عن المحاذرة وركبهم الغرور لاجل نفاذ المقدور وحضر ايضا غالب المصريين الفارين من مصر وقت مجيء الفرنساوية اليها من الاغوات والوجاقلية والافندية والكتبة مثل ابراهيم افندي الروزنامجي وثاني قلفة وغيرهما بنسائهم وأولادهم يظنون فروغ القضية والذي خافوا منه وقعوا فيه كما ستراه وأرسل ابراهيم بك الى السيد احمد المحروقي يطلب كساوى وثيابا وطرابيش وسراويل للمماليك ولخاصة نفسه فأرسل اليه مطلوبه وأخرجت لهم الخيام والتراتيب والنظام وهيأت نساء الامراء والاجناد احتياجاتهم وترتيباتهم وجروا على عادتهم في الثغالى ولازمت الخدم والفراشون الغدو والرواح الى خيم ساداتهم وهم راكبون البغال والرهونات والحمير الفارهة وفي حجورهم تعابي الثياب والبقج المزركشة بالذهب والفضة وكذلك الخدم الذين يحملون الخوانات وطبالي الاطبخة والاطعمة وعليها الاغطية الحرير والوشي الملون وهم يتغنون برفع أصواتهم ويتجاوبون بكلام وسخريات ولعن للنصارى البلدية والفرنسيس بمرآى منهم ومسمع الى غير ذلك مما يحرك الحفائظ ويوغر الصدور
ولما استقر الوزير بمدينة بلبيس وذلك في الثاني والعشرين من شهر رمضان استأذن العلماء والتجار والاعيان المصرية مصطفى باشا في التوجه للسلام فاستأذن ثم اذن لهم فذهبوا ايضا الى سارى عسكر كلهبر واستأذنوه فأذن لهم ايضا فذهبوا عند ذلك للسلام عليه فوصلوا الى نصوح باشا والي مصر وسلموا عليه وباتوا بوطاقه فلما وصلوا اليه واستقر بهم الجلوس سأل عن أسمائهم وكذلك عن التجار واكابر النصارى ثم خلع عليهم خلعا وانصرفوا من عنده فطافوا على اكابر الدولة بالعرضي وكذلك على الامراء المصرية ورجعوا الى مصر ودخلوها وعليهم تلك الخلع وصحبتهم قاضي العسكر وهو لابس قبوط اسود ووصل نصوح باشا والامراء الى جهة الخانكاه ثم الى المطرية
وفيه حضر درويش باشا والي الصعيد الى خارج القاهرة جهة الشيخ قمر فمكث اياما ثم توجه الى قبلي وصحبته نحو المائة نفر وكذلك ذهبت طائفة الى السويس والى دمياط والمنصورة وانبثوا في البلاد ودخلوا مصر شيئا فشيئا
عجائب الآثار في التراجم والأخبار
المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة