منتدى صبايا مصرية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف

    avatar
    صبايا
    Admin


    عدد المساهمات : 2010
    تاريخ التسجيل : 31/10/2014

    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف Empty ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف

    مُساهمة من طرف صبايا الخميس مايو 17, 2018 10:39 pm

    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف Tarek411

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة التاريخ
    عجائب الآثار
    الجزء الأول
    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف 1410
    { الفصل الثاني }
    في ذكر حوادث مصر وولاتها واعيانها ووفيات
    فى سني الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة
    { أحداث شهر جمادي الاولى سنة 1229 }

    شهر جمادي الاولى استهل بيوم الجمعة في ثالثه خرج حسن باشا بعساكره ونزل بعساكره ونزل بوطاقه وخيامه التي نصبت له بالعادلية قبل خروجه بيومين
    وفي رابعه وصلت هجانة من ناحية الحجاز بطلب حسين بك دالي باشا واخشاب واحتياجات وجمال والذي اخبر به المخبرون عن الباشا وعساكره وان طوسون باشا وعابدين ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها غالية فوقعت بينهم حروب ثمانية ايام ثم رجعوا منهزمين ولم يظفروا بطائل ولان العربان نفرت طباعهم من الباشا لما حصل منه في حق الشريف من القبض عليه وهاجر الكثير من الاشراف وانضموا الى الاخصام وتفرقوا في النواحي ومنهم شخص يقال له الشريف راجح فأتى من خلف العسكر وقت قيام الحرب وحاربهم ونهب الذخيرة والاحمال وقطع عنهم المدد واخبروا أن الجمال قل وجودها عند الباشا ويشتريها من العربان المسالمين له بأغلى ثمن واخبروا أيضا انه واقع بالحرمين غلاء شديد لقلة الجالب واحتكار الباشا للغلال الواصلة اليه من مصر فيبيعه حتى على عسكره بأغلى ثمن مع التجبر على المسافرين والحجاج في استصحابهم شيئا من الحب والدقيق فيفتشون متاعهم في السويس ويأخذون ما يجدونه معهم مما يتزودون به في سفرهم من القمح او الدقيق وما يكون معهم من الفرانسة لنفقتهم واعطوهم بدلها من القروش
    وفيه بلغ صرف الريال الفرانسة من الفضة العددية ثمانمائة وعشرين نصفا عنها ثمانية قروش والمشخص عشرون قرشا وقل وجود الفرانسة والمشخص والمحبوب المصري بأيدي الناس جدا ثم نودي على أن يصرف الريال بسبعة قروش والمشخص بستة عشر قرشا وشددوا في ذلك وعاقبوا من زاد على ذلك في قبض اثمان المبيعات واطلقوا في الناس جواسيس وعيونا فمن عثروا عليه في مبيع اوغيره أنه قبض بالزيادة احاطوا به واخذوه وعاقبوه بالحبس والضرب والتغريم وربما ارسلوا من طرفهم اشخاصا متنكرين ياتي احدهم للبائع فيساومه السلعة كانه مشتر ويدفع له في صمن الثمن ريالا او مشخصا ويحسبه بحسابه الاول ويناكره في ذلك فربما تجاز البائع خوفا من بوار سلعته وخصوصا اذا كانت البيعة رابحة او بيعة استفتاح على زعم الباعة وقلة الزبون بسبب وقف حال الناس او افلاسهم فما هو الا أن يتباعد عنه يسيرا فما يشعر الا وهو بين يدي الاعوان ويلاقي وعده
    وفي منتصفه وصلت قافلة من السويس وفيها جملة من العسكر المتمرضين ونحو العشرة من كبارهم نفاهم الباشا الى مصر وفيهم حجوا اوغلى ودالي حسن وعلي اغادرمنلي وترجوا وحسن أغا ازرجنلي ومصطفى ميسوا واحمد أغا قنبور
    وليه أيضا خرج عسكر المغاربة ومن معهم من الاجناس المختلفه الى مصر العتيقة ليذهبوا من ناحية القصير الى الحجاز واما محو بك فإنه لم يزل بقنا القلة ! المراكب بالقصير التي تحملهم الى الحجاز
    وفي سادس عشره وصلت قافلة وفيها انفار من اهل مكة والمدينة وسفار وبضائع تجارة بن واقمشة وبياض شئ كثير وقد اتت الى جدة من تجارات الشريف غالب ولم يبلغهم خبر الشريف غالب وما حصل له فلما حضر وضع الباشا يده عليه جميعه وارسل الى مصر فتولى ذلك السيد محمد المحروقي ورقها على التجارة بالثمن الذي قدره عليهم والزمهم أن لايدفعوه الا فرانسة
    وفي هذا الشهر وصل الخبر بموت الشيخ مسعود كبير الوهابية وتولى مكانه ابنه عبد الله
    وفيه خرج طائفة الكتبة والاقباط والروزنامجي والجاجرتية وذهب الجميع الى جزيرة شلقان ليحرروا دفاتر على الروك الذي راكوه من قياس الاراضي زيادة الاطيان وجفل الكثير من الفلاحين واهالي الارياف وتركوا اوطانهم وزرعهم وهالهم هذا الواقع لكونهم لم يعتادوه ويألفوه وباعوا مواشيهم ودفعوا أثمانها في الذي طلع عليهم في الزيادات الهائلة وسيعودون مثل الكلاب ويعتادون سلخ الارهاب واما الملتزمون فبقوا حيارى باهتين وارتفع ايدي تصرفهم في حصصهم ولايدرون عاقبة امرهم منتظرين رحمة ربهم وان وقت الحصاد وهم ممنوعون عن ضم زرع وسياهم الى أن اذان لهم الكتخدا بذلك وكتب لهم اوراقا وتوجهوا بأنفهسم او بمن ينوب عن مخدومه واراد ضم زرعه ولم يجد من يطيعه بهم وتطاولوا عليهم بالالسنة فيقول الحرفوش منهم اذا دعى للشغل بأجرته روح انظر غيري انا مشغول في شغلي انتم ايش بقالكم في البلاد قد انقضت ايامكم احنا صرنا فلاحين الباشا وقد كانوا مع الملتزمين اذل من العبيد المشترى فربما أن العبد يهرب من سيده اذا كلفه فوق طاقته او اهانه بالضرب واما الفلاح فلا يمكنه ولايسهل به أن يترك وطنه واولاده وعياله ويهرب واذا هرب الى بلدة اخرى واستعلم استاذه مكانه احضره قهرا وازادا ذلا ومقتا واهانة وكان من طرائفهم انه اذا آن وقت الحصاد والتحضير طلب الملتزم اوقائم مقامه الفلاحين فينادي عليهم الغفير امس اليوم المطلوبين في صبحه بالتبكير الى شغل اللمتزم فمن تخلف لعذر احضره الغفير او المشد وسحبه من شنبه واشبعه سبا وشتما وضربا وهو المسمى عندهم بالعونة والسخرة واعتادوا ذلك بل يرونه من اللازم الواجب وهذا خلاف ما يلقونه من الاذلال والتحكم من مشايخهم والشاهد والنصراني الصراف وهو العمدة والعهدة خصوصا عند قبض المال فيغالطهم ويناكرهم وهم له اطوع من استاذهم وامره نافذ فيهم فيأمر قائمقام بحبس من شاء اوضربه محتجا عليهم ببواقي لايدفعها واذا غلق احدهم ماعليه من المال الذي وجب عليه في قائمة المصروف وطلب من المعلم ورده وهي ورقه الغلاق وعده لوقت اخر حتى يحرر حسابه فلا يقدر الفلاح على مرادته خوفا منه فإذا سأله من بعد ذلك قال له بقي عليك جبتان من فدان او خروبتان او نحو ذلك ولايعطيه ورقة الغلاق حتى يستوفي منه قدر المال او يصانعه بالهدية والرشوة وغير ذلك امور واحكام خارجة عن ادراك البهيمية فضلا عن البشرية كالشكاوي ونحوها وذلك كما اذا تشاجر احدهم مع اخر على امر جزئي بادر احدهم الحضور الى الملتزم وتمثل بين يديه قائلا اشكو اليه فلانا بمائة ريال مثلا فبمجرد قوله ذاك يأمر بكتابة ورقة خطابا الى قائمقام او المشايخ بأحضار ذلك الرجل المشتكي واستخلاص القدر الذي ذكره الشاكي قليلا او كثيرا او حبسه وضربه حتى يدفع ذلك القدر ويرسل والورقة مع بعض اتباعه ويكتب بها مشها كراء طريقة قليلا او كثير او يسمونه حق الطريق فعند وصوله اول شئ يطالب به الرجل حق الطريق المعين ثم الشكوى فإن بادر ودفعها والا حبس او حضر به المعين الى بيت استاذه فيوعده الحبس ويعاقبه بالضرب حتى يوفي القدر الذي تلفظ به الشاكي وان تاخر عن حضوره المعين اردفه بآخر وحق طريق الاخر كذاك ويسمونها الاستعجالة وغير ذلك احكام وامور غير معقولة المعنى قد ربوا عليها واعتادوا لايرون فيها بأسا ولاعيبا وقد سلط الله على هؤلاء الفلاحين بسوء افعالهم وعدم ديانتهم وخيانتهم واضرارهم لبعضهم البعض من لايرحمهم ولايعفو عنهم كما قال فيهم البدر الحجازي وسبعة بالفلح قد انزلت لما حووه من قبيح الفعال شيوخهم استاذهم والمشد والقتل فيما بينهم والقتال مع النصارى كاشف الناحية وزد عليها كدهم في اشتغال وفقرهم ما بين عينيهم مع اسودادالوجه الوجه هذا النكال وإذا التزم بهم ذو رحمة إزدروة في أعينهم واستهانوا به وبخدمه وماطلوه في الخراج وسموه بأسماء النساء وتمنوا زوال التزامه بهم وولاية غيره من الجبارين الذين لايخافون ربهم ولايرحمهم لينالوا بذلك اغراضهم بوصول الاذى لبعضهم وكذلك اشياخهم اذا لم يكن الملتزم ظالما يتمكنون هم أيضا من ظلم فلاحيهم لانهم لهم يحصل له رواج لا بطلب الملتزم الزيادة والمغارم فياخذون لانفسهم في ضمنها ما احبوا وربما وزعوا خراج اطيانهم وزراعاتهم على الفلاحين وقد انحرم هذا الترتيب بما حدث في هذه الدولة من قياس الاراضي والفدن وما سيحدث بعد ذلك من الاحداثات التي تبدوا قرائنها شيئا بعد شئ
    وفي ثاني عشرينه برز حسن بك دالي باشا خيامه الى خارج باب النصر وخرج هو في ثاني يوم في موكب ونزل بوطاقه ليتوجه الى الحجاز على طريق البر
    وفي ليلة الاربعاء سابع عشرينه قبل الغروب بنحو نصف ساعة وصل جراد كثير مثل الغمام وصار يتساقط على الدور والاسطحة والازقة مثل الغمام وافسد كثيرا من الاشجار وانقطع اثره في ثاني يوم
    وفي يوم الاثنين عاشره ارتحل حسن باشا من ناحية الشيخ فمر الى بركة الحج
    وفي منتصفه حضر الروزنامجي والافندية بعد ان استملى منهم القبط الدفاتر واسماء الملتزمين ومقادير حصصهم ثم حضر محمود بك والمعلم غالي ومن معهم من الكتبة الاقباط وظهر للناس عند حضورهم نتيجة ماصنعوه ونظموه ورتبوه من قياس الاراضي ورك البلاد وهو أن الاراضي زادت في القياس بالقصبة التي قاسوا بها وحدودها مقدار الثلث او الربع حتى قاسوا الرزق الاحباسية بأسماء اصحابها ومزارعيها واطيان الوسايا على حدتها حتى الاجران وما لا يصلح للزراعة وما يصلح من البور الصالح وغير الصالح فلما تم ذلك حسبوها بزياداتها الافدنة ثم جعلوها ضرائب منها ضريبة خمسة عشر ريالا واربعة عشر واثني عشر واحد عشر وعشرة مال الفدان بحسب جودة الاقليم والارض فبلغ ذلك مبلغا عظيما بحيث أن البلدة التي كانت يفرض عليها في مغارم الفرض التي كانوا فرضوها قبل ذلك في سنيهم الماضية ويتشكي منها الفلاحون والملتزمون ويستغيثون ويبقى منها بواقي ويعجوزن عنها ألف ريال طلع عليها في هذه اللفة عشرة آلاف ريال الى مائة ألف واقل واكثر واحضر الكتخدا ابراهيم أغا الرزاز والشيخ احمد يوسف وخلع عليهما خلعتين وجعلوا لهما ديوانا خاصا لمن يلتزم بالقدر الذي تحرر على حصته التي في تصرفه فيعطونه ورقة تصرف ويكتب على نفسه وثيقة بأجل معلوم يقوم بدفع ذلك ويتصرف في حصته بشرط أن لايكون له الا اطيان الاوسية أن ساء زرعها واخذ غلتها وان شاء اجرها لمن شاء وليس له من مال الخراج الا المال الحر المعين بسند الديوان والمعروف بالتقسيط وما زاد في قياس الارض من بين الفلاحة والاوسية فهو للميري قل او اكثر واما الرزق الاحباسية المرصدة على البر والصدقة ولاهل المساجد والاسبلة والمكاتب والخيرات فإنهم مسحوها بقايسهم فما وجدوه زائدا عن الحد الاصلي جعلوه للديوان وما بقى قيدوه وحروره بإسم واضع اليد عليها وإسم وافقها وزعها او ما يمليه المزارع الحاضر وقت القياس وسؤال المباشرين وقرروا عليها المال مثل ضريبة البلد فإن اثبتها صاحبها وكان بيده سند جديد من ايام الوزير وشريف افندي وما بعده على سبقه لوقت تاريخه قيدوا له نصف مال تآجرها والنصف الثاني الباقي للديوان ورسموا لكاتب الرزق أن يعمل ديوانا لذلك ومعه عدة من الكتبة ويأتي اليه الناس بأوراق سنداتهم فمن وجد بيده سندا جديدا كتب له صورة قيد الكشف بموجب ما هو بدفتره في ورقة فيذهب بها ألى الديوان فيقيدون ذلك بعد البحث والتعنت من الطرفين ويقع الاشتباه الكثير في اسماء اربابها واسماء حيضانها وغيطانها فيكلفون صاحب الحاجة بإثبات ما ادعاه ويكتب له اوراقا لمشايخ الناحية وقاضيها بإثبات ما يدعيه ويعود مسافرا ويقاسي ما يقاسيه من مشقة السفر والمصرف ومعاكسة المشايخ وقاضي الناحية ثم يعود الى الديوان بالجواب ثم يمكن الاحتجاج عليه بحجة اخرى وربما كان سعيه وتعبه على فدان واحد او اقل او اكثر وازدحم الناس على بيت كاتب الرزق وانفتح له بذلك باب لانه لايكتب كشفا حتى يأخذ عليه دراهم تعينت على قدر الافدنة واضاع الكثير من الناس ما تلقوه عن اسلافهم وما كانوا يرتزقون منه واهملوا تجديد السندات واتكلوا على ما بأيديهم من السندات القديمة لجهلهم وظنهم انقضاء الامر وعدم دوام الحال وتغير الدولة وعود النسق الاول او لفقرهم وعدم قدرتهم على ما ابتدعوه من كثرة المصاريف التي تصرف على تجديد السند واشتغال ما الحماية التي قدرها شريف افندي على اراضي الرزق عن كل فدان عشرة انصاف او خمسة فكثير من الناس استعظم ذلك واعتمد على اوراقه القديمة فضاعت عليه رزقته وانحلت واخذها الغير والذي لم يرض بالتوت بل ولاحصل حطبة رضي بالولاش وكان الشان في امر الرزق أن اراضيها تزيد عن موقوع اراضي البلاد زيادة كثيرة وخراجها اقل من خراج اراضي البلاد الذي يقال له المال الحر الاصلي وليس عليها مصاريف ولا مغارم ولا تكاليف فالمزارع من الفلاحين اذا كان تحت يده تآجر رزقه او رزقتين فإنه يكون مغبوطا ومحسودا في اهل بلده ويدفع لصاحب الاصل القدر النزر والمزارع يتلقى ذلك سلفا عن خلف ولايقدر صاحب الاصل أن يزيد عليه زيادة وخصوصا اذا كانت تحت يد بعض مشايخ البلاد فلا يقدر احد أن يتعدى عليه من الفلاحين ويستأجرها من صاحبها وان فعل لايقدر على حمايتها والكثير من الرزق واسعة القياس جدا وما لها قليل جدا وخصوصا في الاراضي القبلية فإن غالبها رزق وشراوي ومتأخرات لم تمسح ولم يعلم لها فدادين ولا مقادير وقد تزيد أيضا بانحسار البحر عن سواحلها وكذلك في البلاد البحرية ولكن دون ذلك ومعظم اراضي الرزق القبلية مرصدة على جهات الاوقاف بمصر وغيرها والواضعون ايديهم عليها لا يدفعون لجهاتها ولا لمستحقيها الا ما هو مرتب ومقرر من الزمن والاول السابق وهو شئ قليل وليتهم لو دفعوه فإن في اوقاف السلاطين المتقدمة القطمة من الاراضي التي عبرتها اكثر من ألف فدان وخراجها خمسون زكيبة والزكيبة خمس ويبات او من الدراهم الفان فضة واقل واكثر وهي تحت يد بعض كبراء البلاد يزرعها ويأخذ منها الالوف من الاردب من اجناس الغلال ويضمن ويبخل بدفع ذاك القدر اليسير لجهة وقفه ويكسر السنة على السنة فإن كانت يد صاحب الاصل قوية او كان واضع اليد فيه خيرية وقليل ما هم دفع لاربابها ثمنها بعد أن يرد الخمسين الى الاربعين بالتكسير والخلط ثم يبخس الثمن جدا فإن كان ثمن الاردب اربعمائة حسبه باربعين نصفا او اقل فيعود ثمن الخمسين زكيبة الى ثمن زكيبتين وقس على ذلك والذي يكون تحت يده شئ من اطيان هذه الاوقاف ورثها من بعده ذريته فزرعوها وتقاسموها معتقدين ملكيتها تلقوها بالارث من مورثهم ولايرون أن لاحد سواهم فيها حقا ولايهون بهم دفع شئ لاربابه ولو قل الاقهرا وبالجملة ما اصاب الناس الا ما كسبت ايديهم ولاجنوا لاثمرات اعمالهم وكان معظم ادارات دوائر عظماء النواحي وتوسعاتهم ومضايفهم من هذه الارزاق التي تحت ايديهم بغير استحقاق الى أن سلط الله عليهم من استحوذ على جميع ذلك وسلب عنهم ما كانوا فيه من النعمة وتشتتوا في النواحي وتغربوا عن اوطانهم وخربت دورهم ومضايفهم وذهبت سيادتهم وكم اهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من احدا وتسمع له ركزا وفي بعض ارزاق من مات اربابه وخربت جهاته ونسي امره وبقي تحت يد من هو تحت يده من غير شئ اصلا وقد اخبرني بنحو ذلك شمس الدين ابن حمودة من مشايخ برما بالمنوفية عند ما احضر الى مصر في وقت هذا النظام انه كان في حوزهم ألف فدان لاعلم للملتزم ولا غيره بها وذلك خلاف ما بأيديهم من الرزق التي يزرعونها بالمال اليسير وخلاف المرصد على مساجد بلادهم التي لم يبق لها اثر وكذلك الاسبلة وغيرها واطيانهم تحت ايديهم من غير شئ وخلاف فلاحتهم الظاهرة بالمال القليل لمصارف الحج لانها كانت من جملة البلاد الموقوفة على مهمات امير الحاج وقد انتسخ ذلك كله
    وفيه اخبر المخبرون أن مراكب الموسم وصلت في هذا العام الى جدة وكان لها مدة سنين ممتنعة عن الوصول خوفا من جور الشريف وزواله وتملك الدولة البلاد وظنهم فيهم العدل فاطمأنوا وعبوا متاجرهم وحضروا الى جدة فجمع الباشا مكوسهم فبلغت اربعة وعشرين لكاواللك الواحد مائة ألف فرانسة فيكون اربعة وعشرين مائة ألف فرانسة فقبضها منهم بضائع ونقودا وحسب البضائع بأبخس الاثمان ثم التفت الى التجار الذين اشتروا البضائع وقال لهم اني طلبت منكم مرارا أن تقرضوني المال فادعيتم الافلاس ولما حضر الموسم بادرتم ياخذه وظهرت اموالكم التي كنتم تبخلون بها فلا بد أن تقرضوني ثلثمائة ألف فرانسة فصالحوه على مائتي ألف دفعوها له نقودا وبضائع مشترواتهم حسبها لهم العشرة ستة ثم فرض على اهل المدينة ثلاثين ألف فرانسه

    { أحداث شهر رجب سنة 1229 }

    واستهل شهر رجب
    في خامسه ضربوا عدة مدافع واخبروا بوصول بشارة وان عساكرهم حاربوا قنفدة واستولوا عليها ولم يجدوا بها غير اهلها
    وفي سادسه سار حسين بك دالي باشا بعساكره الخيالة برا
    وفيه عزم على السفر والد محرم بك زوج ابنة الباشا الى بلاده وذلك يعد عود من الحجاز فأرسلوا الى الاعيان تنابيه بالامر لهم بمهاداته ففعلوا وعبوا له بقجا وبناوازا واقمشة هندية محلاوية كل امير على قدر مقامه
    وفي ليلة الادثنين تاسعه حصلت في وقت اذان العشاء زلزلة نحو دقيقتين وكان المؤذنون طلعوا على المنارات وشرعوا في الاذان فلما اهتزت بهم ظن كل من كان على منارة سقوطها فأسرعوا بالنزول فلما علموا انها زلزلة طلعوا واعادوا الاذان وسقط من شرائف الجامع الازهر شرافة وتحركت الارض أيضا في خامس ساعة من الليل ولكن دون الاولى وكذلك وقت الشروق هزة لطيفة
    وفي حادي عشره هرب الشريف عبد الله ابن الشريف سرور في وقت الفجرية ولم يشعروا بهروبه الا بعد الظهر فلما بلغ كتخدا بك الخبر فتكدر لذلك وارسل الى مشايخ الحارات وغيرهم وبث العربان في الجهات فلما كان ليلة السبت حضروا به وقت الغروب وقد حجزوه بحلوان واتوا به الى بيت السيد محمد المحروقي فأخذه الى كتخدا بك فأرسله الى بيت اخيه احمد أغا ومن ذلك الوقت ضيقوا عليه ومنعوه من الخروج والدخول بعد أن كان مطلق السراح يخرج من بيت احمد أغا ويذهب الى بيت عمه الشريف غالب ويعود وحده فعند ذلك ضيقوا عليه وعلى عمه أيضا
    وفي يوم الخميس تاسع عشره حضر المشايخ عند كتخدا بك وعاودوه في الحطاب فيما احدثوه على الرزق وعرفوه انه يلزم من هذا الاحداث ابطال المساجد والشعائر فتنصل من ذلك وقال هذا شئ لا علاقة لي فيه وهذا شئ امر به افندينا ومحمود بك والمعلم غالي ثم كلموه أيضا في صرف الجامكية المعروفة بالسائرة والدعاجوي للفقراء والعامة فوعدهم بصرفها وقت ما يتحصل المال فإن الخزينة فارغة من المال
    وفي يوم السبت حضر محمود بك والمعلم غالي من سرحتهما فذهب اليهم المشايخ في ثاني يوم ثم خاطبوهما بالكلام في شأن الرزق فأجابهم المعلم غالي بقوله يا اسيادنا هذا امر مفروغ منه بأمر افندينا من عام اول من قبل سفره فلا تتعبوا خاطركم واجب عليكم مساعدته خصوصا في خلاص كعبتكم ونبيكم من ايدي الخوارج فلم يردوا عليه جوابا وانصرفوا
    وفي يوم الاحد تاسع عشرينه حصل كسوف شمس وكان ابتداؤه بعد الشروق ومتداره قريبا من ثلثي الجرم وثم انجلاؤه في ثاني ساعة من النهار وكانت الشمس ببرج السرطان اربعا وعشرين درجة في حادي عشره ابيب القبطي
    وفيه وصلت القافلة من ناحية السويس واخبر الواصلون عن واقعة قنفذة وما حصل بها بعد دخول العسكر اليها وذلك انهم لما ركبوا عليها برا وبحرا وكبيرهم محمود بك وزعيم اوغلي وشريف أغا فوجدوها خالية فطلعوا اليها وملكوها من غير مدافع ولا مدجافع وليس بها غير اهلها وهم اناس ضعاف فقتلوهم وقطعوا اذانهم وارسلوها الى مصر ليرسلوها الى اسلامبول وعندما علم العربان بمجئ الاتراك خلوا منها ويقال لهم عرب العسير وترافعوا عنها وكبيرهم يسمى طامي فلما استقر بها الاتراك ومضى عليهم بها نحو ثمانية ايام رجعوا عليهم واحاطوا بهم ومنعوهم الماء فعند ذلك ركبوا عليهم وحاربوهم فانهزموا وقتل الكثير منهم ونجا محو بك بنفسه في نحو سبعة انفار وكذلك زعيم اوغلي وشريف أغا فنزلوا في سفينة وهربوا فغضب الباشا وقد كان ارسل لهم نجدة من الشفاسية الخيالة فحاربهم العرب ورجعوا منهزمين من ناحية البر وتواتر هذا الخبر

    { أحداث شهر شعبان سنة 1229 }

    واستهل شهر شعبان بيوم الثلاثاء
    في ثانيه حضر ميمش أغا من الديار الحجازية وعلى يده فرمانات خطابا لدبوس اوغلي واخرين يستدعيهم الى الحضور بعساكرهم وكان دبوس اوغلي في بلده البرلس فتوجه اليه الطلب وكذلك شرح كتخدا بك في الكتابات عساكر اتراك ومغاربة وعربان وغير ذلك
    وفي رابعه سافر طائفة من العسكر وارسل كتخدا بك يمنع الحجاج الواردين من بلاد الروم وغيرهم من النزول الى السفائن الكائنة بساحل السويس والقصير وبأن يخلوها لاجل نزول العساكر المسافرين وبتأخير الحجاج وذلك أنه لما وصلت البشائر الى الديار الرومية بفتح الحرمين وخلاص مكة وجدة والطائف والمدينة ووصول ابن مضيان والمضايقي وغيرهم الى دار السلطنة وهروت الوهابين الى بلادهم فعملوا ولائم وافراحا وتهاني وكتبت مراسيم سلطانية الى بلاد الرومنلي والانضول بالبشائر بالفتح والاذن والترخيص والاطلاق لمن يريد الحج الى الحرمين بالامن والامان والرفاهية والراحة فتحركت همم مريدي الحج لان لهم سنين وهم ممتنعون ومتخوفون عن ورود الحج فعند ذلك اقبلوا افواجا بحريمهم واولادهم ومتاعهم حتى أن كثيرا من المتصوفين منهم باع داره وتعلقاته وعزم على الحج والمجاورة بالحرمين بأهله وعياله ولم يبلغهم استمرار الحروب وما بالحرمين من الغلاء والقحط الا عند وصولهم الى ثغر اسكندرية ولم يتحققوها الا بمصر فوقعوا في حيرة ما بين مصدق ومكذب فمنهم من شد للسفر ولم يرجع عن عزمه وسلم الامر لله ومنهم من تأخر بمصر الى أن ينكشف له الحال وقرروا على كل شخص من المسافرين في مراكب السويس عشرين فرانسه وذلك خلاف اجرة متاعه وما يتزود به في سفره فإنهم يزنونه بالميزان وعلى كل اقة قدر معلوم من الدراهم واما من يسافر في بحر النيل على جهة القصير في مراكب الباشا فيؤخذ على رأس كل شخص من مصر القديمة الى ساحل قنا ثلاثون قرشا ثم عليه اجرة حمله من قنا الى القصير ثم اجرة بحر القلزم أن وجد سفينة حاضرة والا تاخر اما بالقصير او السويس حتى يتيسر له النزول ويقاسي ما يقاسيه في مدة انتظاره وخصوصا في الماء وغلو ثمنه ورداءته ولا يسافر شخص ويتحرك من مصر الا بأذن كتخدا بك ويعطيه مرسوما بالاذن وبلغني أن الذين خرجوا من اسلامبول خاصة بقصد الحج نحو العشرة آلاف خلاف من وصل من بلاد الرومنلي والانضول وغيرهما وحضر الكثير من اعيانهم مثل امام السلطان وغيره فنزل البعض بمنزل عثمان أغا وكيل دار السعادة سابقا والبعض بمنزل السيد محمد المحروقي وبيت شيخ السادات ومنهم من استأجر دورا في الخانات والوكائل
    وفيه حضر قاصد من باب الدولة وعلى يده مرسوم مضمونه الامر باسترجاع ما اخذ من الشريف غالب من المال والذخائر اليه وكان الباشا ارسل الى الدولة بسبحتى لؤلؤ عظام من موجودات الشريف فحضر بهما ذلك القبجي وردهما الى الشريف غالب ثم سافر ذلك القبجي بالاوامر الى الباشا بالحجاز
    وفي سابعه وصلت هجانة باستعجال العساكر وتوالى حضور الهجانة لخصوص الاستعجال
    وفي يوم السبت تاسع عشره انزلوا الشريف غالبا الى بولاق بحريمه واولاده وعبيده وكان قد وصل الى مصر أغا معين بقصد سفر المذكور الى سلانيك فنزل صحبته الى بولاق وصالحوه عما اخذ منه من المال وغيره بخمسمائة كيس فأرادوا دفعها له قروشا فامتنع قائلا انهم اخذوا مالي ذهبا مشخصا فرانسة فكيف آخذ بدل ذلك نحاسا لانفع بها في غير مصر فأعطوه مائتي كيس ذهبا وفرانسة وتحول الباقي وكيله مكي الخولاني ثم زودوه واعطوه سكرا وبنا وارزا وشرابات وغير ذلك ونزل مسافرا الى المراكب صحبة المعين الى الحجاز من ناحية القصير وبرز ابن باشت طرابلس وصحبته عساكر أيضا الى ناحية العادلية وأخر يقال له قنجة بك ومعهم نحو الالف خيال من العرب والمغاربة على طريق البر الى الحجاز
    وفي يوم الخميس رابع عشرينه الموافق لسادس شهر مسرى القبطي اوفي النيل المبارك اذرعه فداروا بالرايات ونودى بالوفاء وكسروا السد في صبح يوم الجمعة بحضرة كتخدا بك والقاضي والجم الغفير من العساكر
    وفي اواخره وصلت الاخبار بأن الباشا توجه الى الطائف وابقى حسن باشا بمكة

    { أحداث شهر رمضان سنة 1229 }

    واستهل شهر رمضان بيوم الاربعاء
    في رابعه حضر موسى أغا تفكجي باشا من الديار الحجازية وكان فيمن باشر حرابة قنفدة ومن جملة من انهزم بها وهلكت جميع عساكره وخدمه ورجع الى مصر وصحبته اربعة انفار من الخدم
    وفي عاشره خرجت العساكر المجردة لسفر الحجاز الى بركة الحج وهم مغاربة وعربان وارتحلوا يوم الاحد ثاني عشره
    وفي الاربعاء خامس عشره برز دبوس اوغلي خارج باب الفتوح ليسافر بعساكره الى الحجاز وكذلك حسن أغا سر ششمه ونصبوا خيامهم واستمروا يخرجون من المدينة ويدخلون غدوا وعشايتهم ياكلون ويشربون جهارا في نهار رمضان ويقولون نحن مسافرون ومجاهدون ويمرون باسواق ويجلسون على المساطب وبأيديهم الاقصاب والشبكات التى يشربون فيها الدخان من غير احتشام ولا حياء ويجوزون بحارات الحسينية على القهاوي في الضحوة فيجدونها مغلوقة فيسألون عن القهوجي ويطلبونه ليفتح لهم القهوة ويوقد لهم النار ويغلي لهم القهوة ويسقيهم فربما هرب القهوجي واختفى منهم فيكسرون الباب ويعبثون بالاته واونيه فما يسعه المجىء وايقاد النار واشيع من ذلك انه اجتمع بناحية عرضيهم وخيامهم الجم الكثير من النساء الخواطي والبغايا ونصبوا لهن خياما واخصاصا وانضم اليهن بياع البوظة والعرقي والحشاشون والغوازي والرقاصون وامثال ذلك وانحشر معهم الكثير من الفساق واهل الأهواء والعياق من اولاد البلد فكانوا جميعا عظيما يأكلون الحشيش ويشربون المكسرات ويزنون ويلوطون ويشربون الجوزة ويلعبون القمار جهارا في نهار رمضان ولياليه مختلطين مع العساكر كأنما سقط عن الجميع التكاليف وخلصوا من الحساب وسمعت ممن شاهد بعينه محمود بك المهردار الذي هو اعظم اعيانهم وهو المتولي على قياس الاراضي مع المعلم غالي وهو جالس في ديوانهم المخصوص بالقرب من سويقة اللالا وهو يشرب في النرجيلة التنباك ويأتونه بالغداء جهارا ويقول انا مسافر الشرقية لعمل نظام الاراضي
    وفي غايته وصلت هجانة باستعجال العساكر

    { أحداث شهر شوال سنة 1229 }

    واستهل شهر شوال بيوم الخميس
    في ليلته قلدوا عبدالله كاشف الدرندلي اميرا على ركب الحجاج
    وفي يوم السبت ثالثة خرج دبوس اوغلي في موكب الى مخيمة وكذلك حسن أغا سرششه ليسافر الى الحجاز
    وفي يوم السبت حادي عشره نزلوا بكسوة الكعبة بالطبول والزمور الى المشهد الحسيني واجتمع الناس على عادتهم للفرجة
    وفيه انتقل محمود بك والمعلم غالي الى بيت حسن أغا نجاتي وعملوا ديوانهم فيه وتلقوا الجنينة التى به وجلسوا تحت اشجارها وربط الاقباط حميرهم فيها وشرع محمود بك في عمارة الجهة القبلية منه وانزوت صاحبة المنزل في ناحية منه
    وفي سابع عشره ارتحل دبوس اوغلي وحسن أغا سرششمه ومن معهم من العساكر من منزلتهم متوجهين الى الديار الحجازية
    وفي يوم الخميس ثاني عشرينه رسم كتخدا بك بنفي طائفة من الفقهاء من ناحية طندتا الى أبي قير بسبب فتيا افتوها في حادثة ببلدهم وقضى بها قاضيهم وانهيت الدعوى الى ديوان مصر فطلبوا الى اعادة الدعوى فحضروا وترافعوا الى قاضى العسكر واثبتوا عليهم الخطا فرسم بنفي الشاكي والمفتيين ولقاضي ربعهم
    وفي يوم السبت رابع عشرينه عملوا موكبا لخروج المحمل واستعد الناس للفرجة على عادتهم فكان عبارة عن نحو مائة جمل تحمل روايا الماء والقرب وعدة من طائفة الدلاة على رؤسهم طراطير سود قلابها وامير الحاج على شكلهم وخلفه ارباب الاشاير ببيارقهم وشراميطهم وطبولهم وزمورهم وجوقاتهم وخلفهم المحمل فكان مدة مرورهم مع تقطيعهم وعدم نظامهم نحو ساعتين فأين ما كان يعمل من المواكب بمصر التى يضرب بحسنها وترتيبها ونظامها المثل في الدنيا فسبحان مغير الشؤن والاحوال
    وفيه خرجت زوجة الباشا الكبيرة وهي ام اولاده تريد الحج الى خارج باب النصر في ثلاثة تخوت والمتسفر بها بونابارته الخازندار وقد حضر لوداعها ولدها ابراهيم باشا من الصعيد وخرج لتشييعها هو واخوه اسمعيل باشا وصحبتهما محرم بك زوج ابنتها حاكم الجيزة ومصطفى بك دالي باشا ويقال انه اخوها وكذلك محمد بك الدفتردار زوج ابنتها أيضا وطاهر باشا وصالح بك السلحدار وارتحلت ومن معها في سادس عشرينه الى بندر السويس وفي ذلك اليوم برزت عساكر المغاربة وغيرهم ممن تعسكر وارتحل امير الحج من الحصوة الى البركة
    وفي يوم الثلاثاء خرجت عساكر كثيرة مجردين للسفر
    وفي يوم الخميس تاسع عشرينه ارتحل امير الحج ومن معه من البركة في تاسع ساعة من النهار وفي ذلك اليوم هبت رياح غربية شمالية باردة واشتد هبوبها اواخر النهار واطبقت السماء بالغيوم والقتام وابرق البرق برقا متتابعا وارعدت رعدا له دوي متصل ولما قرب من سمت رؤسنا كان له صوت عظيم مزعج ثم نزل مطر غزير استمر نحو نصف ساعة ثم سكن بعد أن تبحرت منه الازقة والطرق وكان ذلك اليوم رابع شهر بابه القبطي
    وفيه ورد الخبر من السويس أن امرأة الباشا لما وصلت هناك وجدت عالما كبيرا من الحجاج المختلفه الاجناس ممنوعين من المراكب فصرحوا في وجهها وشكوا اليها تخلفهم وان امير البندر مانعهم من النزول في المراكب وبذلك المنع يفوتهم الحج الذي تجشموا الاسفر وصرفوا أيضا الاموال من اجله وهم في مشقة عظيمة من عدم الماء ولا يمكنهم الرجوع لعدم من يحملهم وان امير البندر يشتط عليهم في الاجرة وياخذ على كل رأس خمسة عشر فرانسا فحلفت انها لا تنزل الى المركب حتى ينزل جميع من السويس من الحجاج المراكب ولا يؤخذ منهم الا القدر الذي جعلته على كل فرد منهم فكان ما حكمت به هذه الحرمة صار لها به منقبة حميدة وذكرا حسنا وفرجا لهؤلاء الخلائق بعد الشدة

    { أحداث شهر ذي القعدة سنة 1229 }

    واستهل شهر ذي القعدة بيوم السبت
    وفي يوم الاثنين نادى المنادي بوقود قناديل سهارى على البيوت والوكائل وكل اربع دكاكين قنديل
    وفي ثامنه جرسوا شخصا واركبوه على حمار بالمقلوب وهو قابض بيده على ذنب الحمار وعمموه بمصارين ذبيحة وعلى كتفه كرش بعد أن حلقوا نصف لحيته وشواربه قيل أن سبب ذلك انه زور حجة تقرير على اماكن تتعلق بإمرأة اجنبية وباع بعض الاماكن وكانت تلك المرأة غائبة من مصر فلما حضرت وجدت مكانها مسكونا بالذي اشتراه فرفعت قصتها الى كتخدا بك ففعل به ذلك بعد وضوح القضية
    وفي ثاني عشره سافر عبدالله ابن الشريف سرور الى الحجاز باستدعاء من الباشا فأعطوه اكياسا وقضى اشغاله وخرج مسافرا
    وفيه وقعت حادثة بحارة الكعكيين بين شخصين من الدلاتية رمحا خلف غلام بدوي عمل نفسه عسكريا مع طائفة المغاربة يدعي احدهما أن له عنده دراهم فهرب منهما الى الخطة المذكورة فرمحا خلفه وبيد كل منهما سيفه مسلولا فدخل الغلام الى عطفة الحمام وفزعت عليهما المغاربة المتعسكرون القاطنون بتلك الناحية وضربوا عليهما بنادق فسقط حصان احد الدلاة واصيب راكبه وهرب رفيقه الى كتخدا بك فأخبره فأمر باحضار كبراء المغاربة وطالبهم بالضارب فلم يتبين امره وقبضوا على الغلام الهارب فحبسوه وفي ذلك الوقت حصل في الناس فزعة واغلقت اهل سوق الغورية والشوائين والفحامين حوانيتهم وبقي ذلك الغلام محبوسا ومات الدلاتي المضروب في ليلة السبت خامس عشره فأحضروا ذلك الغلام الى باب زويلة وقطعوا رأسه ظلما ولم يكن هو الضارب
    وفي عشرينه سافر ابن باشت طرابلس وسافر معه عسكر المغاربة الخياله

    { أحداث شهر ذى الحجة سنة 1229 }

    واستهل شهر ذى الحجة الحرام ختام سنة
    في اوله ورد نجاب من الحجاز واخبر بموت طاهر افندي وهو افندي ديوان الباشا وكان موته في شهر شوال بالمدينة حتف انفه وورد الخبر أيضا بصلح الشريف راجح مع الباشا وانه قابله واكرمه وانعم عليه بمائتي كيس واخبر أيضا بأنه تركه الباشا بناحية الكلخة وهي ما بين الطائف وتربة وانقضت السنة بحوادثها

    { من مات في هذه السنة }

    واما من مات في هذه السنة فمات العمدة الفاضل الفقيه النبيه الشيخ حسين المعروف بابن الكاشف الدمياطي ويعرف بالرشيدي تعلق بالعلم وانخلع من الامرية والجندية وحضر اشياخ العصر ولازم الشيخ عبد الله الشرقاوي وانتقل من مذهب الحنفية الى الشافعية لملازمته لهم في المعقول والمنقول وتلقى عن السيد مرتضى اسانيد الحديث والمسلسلات وحفظ القرآن في مبدأ امره برشيد وجوده على السيد صديق وحفظ شيئا من المتون قبل مجيئه الى مصر واكب على الاشتغال بالازهر وتزيا بزي الفقهاء بلبس العمامة والفرجية وتصدر ودرس في الفقه والمعقول وغيرهما ولما وصل محمد باشا الى ولاية مصر اجتمع عليه عند قلعة أبي قير فجعله اماما يصلي خلفه الاوقات وحضر معه الى مصر ولم يزل مواظبا على وظيفته وانتفع بنسبته اليه واقتنى حصصا واقطاعات وتقلد قضايا مناصب البلاد البنادر ويأخذ ممن يتولاها الجعالات والهدايا واخذ أيضا نظر وقف ازبك وغيره ولم يزل تحت نظره بعد انفصال محمد باشا خسرو واستمر المذكور على القراءة والاقراء حتى توفي اواخر السنة
    ومات الفاضل الشيخ عبدالرحمن الجمل وهو اخو الشيخ سليمان الجمل وتفقه على اخيه ولازم دروسه وحضر غيره من اشياخ العصر ومشى على طريقة اخيه في التقشف والانجماع عن خلطة الناس ولما مات اخوه وكان يملي الدروس بجامع المشهد الحسيني بين المغرب والعشاء على جمع مجاوري الازهر والعامة وتصدر للاقراء في محله في ذلك الوقت فقرالشمايل والمواهب والجلالين ولم يزل على حالته حتى توفي ثاني عشر ذي الحجة
    ومات الشيخ المفيد محمد الاسناري الشهير بجاد المولى ممن جاور بالازهر وحضر دروس وبه تخرج وواظب عليه في مجالس الذكر وتلقى عنه طريقة الخلوتية والبسه التاج وتقدم في خطابة الجمعة والاعياد بالجامع الازهر بدلا عن الشيخ عبدالرحمن البكري عندما رفعوها عنه وخطب بجامع عمر وبمصر العتيقة يوم الاستسقاء عندما قصرت زيادة النيل في سنة ثلاث وعشرين وتأخر في الزيادة عن اوانه ولما حضر محمد باشا خسرو الى مصر وصلى صلاة الجمعة بالازهر في سنة سبع عشرة خلع عليه بعد الصلاة فروة سمور فكان يخرجها من الخزنة ويلبسها وقت خطبة الجمعة والاعياد وواظب على قراءة الكتب للمبتدئين كالشيخ خالد والازهرية ثم قرأ شرح الاشموني على الخلاصة واشتهر ذكره ونما امره في اقل زمن وكان فصيحا مفوها في التقرير والالقاء لتفهيم الطلبة ولم يزل على حالة حميدة في حسن السلوك والطريقة حتى توفي في شهر الحجة وقد ناهز الاربعين

    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف Fasel10

    عجائب الآثار في التراجم والأخبار
    المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
    مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة
    ختام أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين والف E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 2:37 am