صبايا- Admin
- عدد المساهمات : 2010
تاريخ التسجيل : 31/10/2014
من طرف صبايا الثلاثاء مايو 05, 2020 5:07 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي . المجلد الثانى
● [ ما تبقى من كتاب القصاص والديات ] ●
[ باب الجنايات ]
ما جنت الدابة من الجراح والأنفس وسائر الدماء ومعها سائق أو راكب أو قائد فجناياتها خطأ تحمله العاقلة إن كان الثلث فصاعدا وإن كان دون الثلث ففي مال السائق والراكب والقائد ولا يضمنون ما أصابت برجلها إلا أن قرعها أحدهم أو عنتها فإن لم يقرعها ولم يعنتها لم يضمن ويضمنون على كل حال ما أصابت بمقدمها على ما قلنا من حكم الخطأ هذا كله قول مالك وأصحابه فإن كانت جناية الدابة بمقدمها أو برجلها وقد قرعها أو عنتها مالا فهي في مال السائق والقائد والراكب لأن العاقلة لا تضمن مالا فهي في مال السائق والقائد والراكب لأن العاقلة لا تضمن مالا وجناية الدابة إذا لم يكن معها سائق ولا راكب ولا قائد أو كانوا معها فبان أن ذلك كان منها دونهم جبار وهو الهدر لا شيء على واحد منهم فيهم إلا أن تفسد الماشية زرعا أو كرما بليل فالحكم فيه ما قد مضى في باب مفرد في ذلك وجناية الطفل المرضع والذي لا يصح منه تمييز ولا قصد لا عقل فيها ولا قود ولا تبعة على أحد وهي هدر جبار كجرح العجماء سواء فإن كان من الصبي تمييز وقصد وكان ممن يصح ذلك منه ويفهمه فجنايته كلها خطأ في ماله إن كانت مالا وعلى عاقلته إن كانت دما وعمده وخطؤه سواء وإذا اصطدم الفارسان لزمت عاقلة كل واحد منهما الدية دية صاحبه ولزم كل واحد في ماله قيمة فرس صاحبه كاملة وكذلك السفينتان تصطدمان وكذلك ما أصابه الفارس بصدمة فرسه وإذا قدر صاحب الفرس على ضبطه أو صاحب السفينة على صرفها فلم يفعلا ضمنا في أموالهما الدماء والأموال سواء ها هنا في العمد والخطأ ومن أصاب نفسه عمدا أو خطأ لم يضمن ورثته شيئا ولا على عاقلته شيء وكذلك لو شربت المرأة دواء فالقت جنينها لم تكن للغرة ضامنة والقتيل يوجد بين القبيلتين لا يدري من قتله ليس فيه شيء ومن قتل بين فئتين يتنازع ففيه الدية بغير قسامة على الفرقة التي تنازعه فإن كان من غيرها فديته على الفريقين جميعا ومن قتل لصا يحاربه أو سارقا قصده الى القتل في داره أو جملا صال عليه فلا شيء عليه وإذا تقدم الى صاحب الكلب العقور في الموضع الذي يجوز له اتخاذه ثم عقر أحدا بعد ذلك فهو ضامن لما جنى وكذلك إذا عرف عقره فحبسه وما لم يبح اتخاذه فيه من المواضع فصاحبه يضمن كل ما جناه تقدم في ذلك إليه أو لم يتقدم وروى الواقدي عن مالك وابن ابي ذئب أنهما قالا في الرجل يدخل دار قوم بغير إذنهم ولهم كلب عقور فيعقره إنهم لا ضمان عليهم مربوطا كان أو غيره مربوط ومن قطع يد سارق قد وجب قطعها فلا شيء عليه ولو عض رجل يد رجل فانتزع المعضوض يده من في عاضها فقلع في ذلك ثنيته كان ضامنا عند مالك ومعنى ذلك عند أصحابه أنه كان قادرا على انتزاعها من غير قلع سن فلذلك ضمن والذي عليه جمهور العلماء انه لا ضمان عليه في ذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: "أيدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل لا دية لك" ومن جهة القياس أنه فعل ما كان له فعله ومن حمل صبيا على دابة يسقيها أو يمسكها فوطئت الدابة رجلا فقتلته فالدية على عاقلة الصبي ولا يرجع على عاقلة الرجل وفي قياس قول مالك عند أصحابه في الرجل يغصب صبيا فيموت عنده بأمر من السماء من غير صنعه انه لا ضمان عليه فيه ومن أحدث في فنائه بئرا أو مرحاضا أو عسكرا مما له أن يحدثه فعطب به أحد فلا ضمان عليه وما فعل من ذلك مما ليس له فعله فهو ضامن ما عطب كجدار الحائط المائل إذا تقدم لربه فيه أو شهد عليه ضمن بعد ذلك ما عطب به ومن صاح على رجل وهو على جدار أو غيره فسقط من صيحته فمات فلا شيء عليه فيه ومن اطلع على قوم أو على رجل في بيته ففقأ عينه بحصاة أو عود فعليه القود عند مالك وأصحابه ومن جنى على بهيمة شيئا فعليه ما نقصها فإن قتلها غرم قيمتها بالغا ما بلغت ومن شأن دابة غيره متعديا فقطع أذنها أو ذنبها أو شيئا من محاسنها شيئا فاحشا وكانت من دواب الركوب والزينة ففيها لمالك قولان أحدهما إن عليه ما نقص من ثمنها بالغا ما بلغ والآخر إن ربها بالخيار بين أخذ قيمتها وتركها للجاني عليها وبين أخذها معيبة وأخذ أرش عيبها وإن كانت من دواب الانتقال والحمولة فعليه ما نقص من ثمنها بالغا ما بلغ إلا أن تكون الجناية أذهبت جل منافعها فيكون فيه قولان على ما تقدم فإن جرح الحر عبدا عمدا فعليه ما نقص من ثمنه في كل ما تعمده به من قطع يد أو رجل أوفقء عين أو غير ذلك من جراحاته إلا في أربع جراحات فإن لها عقلا معلوما ومن قيمته كما هي في الحر في ديته وهي موضحته فيها نصف عشر قيمته ومنقلته فيها عشر ونصف عشر من قيمته ومأمومته فيها ثلث قيمته ومأمومته فيها ثلث قيمته وجائفته فيها ثلث قيمة فهذه الأربع جراحات فيها من العبد في قيمته مثل ما فيها من الحر في ديته وما عداها ففيه ما نقص العبد إلا أن يقطع يده وهو ذو صنعة فيكون عليه قيمته كاملة ويعتق عليه وقد روي عنه أنه لا يعتق عليه لأنه لم تصبه المثلة في ملكه فإن كان عبد خدمة لا صنعة له فليس في يده وغيرها منه إلا ما نقص من قيمته تلك إلا في الجراح الأربع واختلف قول مالك في العبد يصاب بجائفة فيها شين فمرة قال يزاد فيها على ثلث قيمته لأجل الشين ومرة قال لا يزاد فيها على ثلث قيمته شيئا وإذا جرح العبد جرحا عمدا أو خطأ فاندمل ذلك بغير شين ولا عيب فلا شيء فيه وإذا قتل الحر عبدا غرم قيمته بالغة ما بلغت وإن زادت على دية الحر في ماله في العمد والخطأ ولا تحمل العاقلة خطأه ويضرب قاتله في العمد مائة ويحبس سنة ويعتق في الخطأ رقبة إن كان واحدا وإلا صام شهرين متتابعين وقد روي عن مالك ان الكفارة في قتل العمد استحسان وهو أشهر عنه والاول هو الصحيح لانها نفس محظورة ومن أخصى عبد غيره ألزم ما نقصه في ذهاب النسل وذهاب القوة والشدة وذهاب شعر اللحية وغيرها من الزينة ولم يلتفت إلى ما زاد الإخصاء في ثمنه ومن جرح عبد رجل فأعتقه سيده ثم مات العبد من الجراحة فعليه عقل حر وللسيد من ديته بقدر الجناية وما فضل فلورثة العبد المعتق وإن كانت الدية قدر ما نقص العبد أو أكثر فلا شيء لورثته وجميعه للسيد وكذلك النصراني يضرب ثم يسلم ويموت ديته دية مسلم
● [ باب جنايات العبيد ] ●
إذا جرح العبد حرا أو استهلك مالا فهو مرتهن في جنايته ولا يترك سيده يبيعه إلا أن يكون مليا ويضمن الجناية فسيده حينئذ مخير بين أن يسلمه فيما جنى وبين أن يفتديه بعقل الجناية تاما أو بالمال الذي استهلكه وإن طلب الحر العفو في جريمته فلا قود له إلا أن يقتله عمدا فيقتل العبد به لا يقتص له منه في غير النفس فإن باعه سيده بعد الجناية فالمجني عليه مخير بين إجازة البيع وأخذ الثمن أو فسخ البيع وأخذ العبد فإن قتل العبد حرا أسلم إلى أوليائه وكان لهم القتل أو العفو فإن عفوا عن العبد ضرب خمسين سوطا وكان لهم رقيقا فإن أحب سيده بعد العفو عنه أخذه غرم دية الحر كاملة وأخذ عبده وكذلك لو قتل العبد عبدا فأسلمه سيده الى سيد العبد المقتول فاستحياه كان لسيد العبد القاتل أخذه إن أحب على أن يؤدي قيمة العبد المقتول وليس عليه قيمة العبد القاتل وإذا أدى ذلك رجع إليه عبده على حاله ولو أعتق عبده وقد جنى جناية وهو يعلمها حلف ما أراد أن يحمل الجناية وبطل عتق العبد وأسلم إلى ولي الجناية وإن كان بيده مال أدى منه وعتق وإن فداه سيده عتق عليه وإنما يكون رقيقا لرب الجناية وحده فإن أبى سيده من العتق أو قال أردت حمل الجناية نفذ عتقه وغرم أرشها وكذلك لو كانت جارية فاستولدها بعد الجناية ولو جنت وهي حامل ثم وضعت بعد ذلك أسلمت بولدها إلا ان يكون المجني عليه ذميا فلا تسلم إليه ولكن تباع ويعطى الذمي الثمن إذا أسلمها السيد وإذا جنت ام الولد فعلى مولاها الأقل من قيمتها أو أرش الجناية وقد مضى في باب أم الولد من هذا المعنى أكثر من هذا وجناية المدبر فيما بيده من المال وفي ذمته فإن لم يف ما بيده بالجناية استخدم فيها حتى يموت سيده فيخرج حرا من ثلثه ويتبع بباقي الجناية في ذمته وجناية المكاتب تضاف الى نجمه وتقدم فإن قدر على أداء ذلك كله وإلا عجز وصار رقيقا وكان الحكم فيه كالحكم في العبد سواء ولو جنى عبد على امرأته الحرة جناية وجب لها مثل ما يجب للأجنبي فإن أسلمه سيده إليها انفسخ نكاحها والعبد المعتق نصفه إذا جنى جناية كان نصف قيمة الجناية عليه ونصفها على سيده يسلمه فيها إن شاء وإن جنى عليه فعن مالك في ذلك روايتان إحداهما إن العقل لسيده دونه والأخرى أنه بينهما نصفين
● ● ● [ كتاب الجامع ] ● ● ●
جماع الخير كله تقوى الله عزوجل واعتزال شرور الناس ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ومن طلب العلم لله فالقليل يكفيه ومن طلبه للناس فحوائج الناس كثيرة وأزين الحلي على العالم التقوى وحقيق على من جالس عالما أن ينظر إليه بعين الإجلال وينصت له عند المقال وأن تكون مراجعته له تفهما ولا تعنتا وبقدر إجلال الطالب للعالم ينتفع بما يفيد من علمه وقد اجتلبنا من فضائل العلم وآدابه وما يلزم العالم والمتعلم المتخلق به ولزومه وامتثاله في كتاب بيان العلم ما يشفي العالم ويقر عينه ويكفي المسترشد ويبصره والحمد لله كثيرا كما هو أهله ومن شيم العاقل والعالم أن يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا لسانه تحرزا من إخوانه فلم يؤذ الناس قديما إلا معارفهم والمغرور من اغتر بمدحهم له والجاهل من صدقهم على خلاف ما يعرف من نفسه ومن جامع آداب العلم إفشاء السلام على من لقيت أو دخلت إليه أو مررت به ولا ينبغي لأحد أن يدخل منزله حتى يسلم على أهله ومن فيه فإن لم يكن فيه أحد قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ويسلم الراكب على الماشي والقائم على القاعد والقليل على الكثير وإن سلم رجل من القوم أجزأهم ولا يبدأ أحد من أهل الذمة بالسلام ولا يقصدون بتهيئته ولا تعزية وإن سلموا رد عليهم وعليك وينتهي في السلام الى البركة ولا بأس أن تسلم المرأة المتحالة على الرجال ويسلموا عليها ولا يسلم على الشابة ولا تسلم عليه ويستأذن الرجل على أمه وذوات محارمه إذا أراد الدخول عليهن وينبغي للرجل الاستئذان على كل أحد إلا على زوجته وأمته وكل من لا يصلح أن يراه عريانا فالاستئذان عليه من امرأة ورجل والاستئذان ثلاثة تقول في كل مرة السلام عليكم أدخل فإن أذن لك وإلا فارجع ولا تزد إلا أن تعلم أنك لا تسمع استئذانك فلا بأس أن تزيد على الثلاث وقرع الباب اليوم يقوم مقام الاستئذان فيما مضى إذا خرج الاذن وليس لمن قرع ثلاثا أن يدخل ولا أن ينصرف حتى يعلم أنه قد سمع وعلم به ومن دخل حانوتا أو بيتا فيه متاع له فليس عليه جناح في ترك الاستئذان وحسن أن يقول بسم الله السلام علينا وعلى صالحي عباد الله ولا يحل لمسلم أن ينظر إلى عورة أحد إلا من ضرورة وكذلك لا يحل له أن يظهر على عورته أحدا إلا زوجته وأمته عند الحاجة إلى ذلك ولا ينبغي أن يترك أحد لبس السراويل إلا من لا يقدر عليها إلا أن يكون محرما فيكفيه مئزره ولا يجتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء ولا يخلو الرجل بامرأة ليست منه بمحرم ولا تسافر المراة الا مع زوج أو مع ذي محرم منها إلا سفرها إلى الحج خاصة فإنها إذا لم يكن لها ذو محرم من الرجال خرجت مع جماعة النساء ولا ينتصب الرجل عريانا لا ليلا ولا نهارا وإذا اغتسل فلتضام ما استطاع فإن الله أحق ان يستحق منه ولا يجوز لأحد دخول حمام بغير مئزر إلا الأطفال وكره مالك دخول الحمام للمرأة بمئزر وبغير مئزر مريضة أو صحيحة ورخص فيه غيره للنساء إذا كن مرضى أو نفساء بعد أن يسترن أنفسهن بالميازير السابغات ولا يجوز لهن أن ينظرن بعضهن في عورة بعض وإذا بلغ الصبيان سبع سينين أمروا بالصلاة وإذا بلغوا عشرا ضربو اعليها والخير كله بالعادة ولا ينام الاخوان والاختان في ثوب واحد متجردين إذا بلغوا عشر سنين والكراهية في مبيت ابن عشر سنين مع أخيه وأخته أشد منها في مبيت الأنثى مع الأنثى ولا يبيت الرجل مع ابنه منذ يبلغ هذا السن ولا الأم مع ابنتها إلا وبينهما حائل من الثياب والكراهية في الأجنبيين أشد لأنه منكر وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم وما لم يبلغوا فلا جناح عليهم في الاستئذان إلا في العورات الثلاث بنين كانوا أو ملك يمين والعورات الثلاث ثلاثة أوقات قبل صلاة الصبح وقبل صلاة الظهر وبعد صلاة العتمة وكل وقت يخشى فيه على المرء التعدي فذلك حكمه ولا بأس أن ينظر الى وجه أم أمرأته وشعرها وكفيها وكذلك زوجة أبيه ولا ينظر منهن إلا معصم ولا ساق ولا جسد ولا يجوز ترداد النظر وإدامته لامرأة شابة من ذوي المحارم أو غيرهن إلا عند الحاجة إليه أو الضرورة في الشهادة ونحوها وإنما يباح النظر إلى النساء القواعد اللاتي لا يرجو نكاحا والسلامة من ذلك أفضل وعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ولتضرب المرأة بخمارها وهو كل ما يغطي رأسها على جيبها لتستر صدرها ولا تبدي زينتها إلا لبعلها أو أبن بعلها أو ابنها أو أخيها أو ابن اخيها أو ابن اختها او ما ملكت يمينها والتحفظ اليوم من ملك اليمين أولى لما حدث في الناس والوغد من العبيد وغير الوغد عندي في ذلك قريب من السواء وقد قيل في ملك اليمين هنا النساء وقد ردت الرخصة في أكل المرأة مع عبدها الوغد ومع خادمها المأمون وترك ذلك أقرب الى السلامة ويكره للرجل أن ينام بين أمتيه أو بين زوجته وأمته وأن يطأ إحداهما بحيث تسمع الاخرى وأن يطأ الرجل حليلته بحيث يراه أحد صغيرا أو كبيرا وأن يتحدث بما يخلو به مع أهله ويكره للمرأة مثل ذلك من حديثها بما تخلو به مع بعلها ومن فطرة الإسلام عشر خصال الختان وهو سنة للرجال ومكرمة للنساء وقد روي عن مالك أنه سنة للرجال والنساء ولا حد في وقته إلا أنه قبل الاحتلام وإذا أثغر فحسن أن ينظر له في ذلك ولا ينبغي أن يتجازز عشر سنين إلا وهو مختون وحلق العانة ولا حد في ذلك عند مالك وحد بعض العلماء أن لا يتجاوز بها أربعين يوما لأثر رووه في ذلك ونتف الإبطين أو حلقهما وقص الشارب حتى يبدو الإطار وتقليم الأظفار ولا حد في ذلك ويبنغي تعاهدها فهذه خمس من الفطرة والخمس الأخرى المضمضة والاستنشاق والاستنجاء وإعفاء اللحية والسواك لانه مطهرة للفم مرضاة للرب ومن قدر عليه مع كل ضوء فحسن جميل وبر الوالدين فرض لازم وهو أمر يسير على من يسره الله له وبرهما خفض الجناح ولين الكلام وألا ينظر إليهما إلا بعين المحبة والإجلال ولا يعلو عليهما في مقال إلا أن يريد إسماعهما ويبسط أيديهما في نعمته ولا يستأثر علهيما في مطعمه ولا مشربه ولا يتقدم أحد أباه إذا مشى معه ولا يتقدمه في القول في مجلسه فيم يعلم أنه أولى به منه ويتوقى سخطهما بجهده ويسعى في مسرتهما بمبلغ طاقته وإدخال الفرح عليهما من أفضل أعمال البر وعليه أن يسرع أجابتهما إذا دعواه أو أحدهما فإن كان في الصلاة النافلة خففها وتجاوز فيها ولأ يقل لهما ألأ قولأ كريما وحق عليهما ان يعينهما على برهما بلين جانبهما وارفاقه بذات ايديهما فما وصل العباد الى طاعة الله واداء فرائضه الأ بعونه لهم على ذلك وبر الجار واكرامه من اخلأق اهل الدين والمروءة وعمو الهمة والكذب والنميمة كلأهما خلة ذميمة ولا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث الا ان يخاف من مداخلته وملابسته ما يفسد عليه دينه أو مروءته فيصارمه لذلك ويصارمه جميلة خير من صحبة على دخل والسلام عليه يخرجه من مصارمته ولا بأس بهجر أهل البدع ومقاطعتهم وترك السلام عليهم ومن دخل مجلسا فليجلس حيث تناهى به المجلس ولا يفرق بين متصافيين أو أب وابن أو أخوين إلا أن يفسحا له والتوسع في المجلس حسن والرضى بالدون من المجلس تواضع ومن سبق الى مجلس فهو أحق به حتى يقوم منه لغير العودة إليه ومن شرب فليناول من عن يمينه وأن كان أحدث القوم سنا وساقي القوم آخرهم شربا ومن أكل أو شرب فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه ولا يأكل ولا يشرب بشماله إلا من عذر أو ضرورة ويأكل الرجل مما يليه إن كان الطعام جنسا واحدا وإن كان مختلفا فلا بأس أن تجول يده في الصفحة فلذلك وضع بين يديه ليأكل ما أحب ولا يجوز لمن أكل مع غيره أن يقرن بين تمرتين ولا تينتين ونحو ذلك ويكره الأكل من أعلى الثريد وإنما يؤكل من جوانبه وأسفله ولا بأس بطعام الفجاءة ما لم يرتصد وطعام النهبة إذا أذن فيه صاحبه وذلك نحو ما ينثر على رؤوس الصبيان وفي الأعراس والختان واختلف في كراهيته والتنزه عنه أولى وليس بحرام إذا طابت نفس صاحبه به ومن رأى قذاة في إنائه فليهرقها ولا ينفخها ولا ينفخ أحد في طعامه ولا شرابه ولا يتنفس في إناء يشرب منه فإن غلبه النفس نحى الإناء عن فيه فتنفس ثم عاد إليه ويكره أكل الطعام الحار جدا الا لمن لا يجد لناره مسا وحق الطعام أن يسمي الله تبارك وتعالى آكله عند ابتدائه ويحمده عند فراغه وإذا كثرت في الأيدي عظمت بركته ولا يقام عن الطعام حتى يرفع وغسل اليد قبله وبعده حسن وبركته فيه قال الفارسي سلمان قرأت في التوارة البركة في الطعام الوضوء قبله فذكرت ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: البركة في الطعام الوضوء قبله وبعده ومن بات وفي يده غمر الطعام وسهكه وأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه والضيافة من شرف الأخطار ومحاسن الاخلاق وسنتها المؤكدة يوم وليلة وغايتها ثلاثة أيام ومن لم يكرم ضيفه ولا جاره فقد استحق الذم ومن يسر عنده من الطعام ارفع مم يخرجه الى ضيفه فليس بمكرم له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوما وليلة يريد بذلك بلوغ ما استطاع من إكرامه وفي اليومين بعده لا يتكلف الا ما يسر عليه ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يحرجه ويؤذيه وإنما يأكل الرجل من بيت أبيه وأمه وأخيه وعمه وعمته وخاله وخالته وصديقه بغير إذنهم ما يعلم أنهم تطيب به أنفسهم مما لا بال له وخالته وصديقه بغير إذنهم ما يعلم أنهم تطيب به أنفسهم مما لا بال له ويبدأ باليمنى في الانتعال وفي لباس الخفين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في أمره كله وتكون اليمنى من دخل اللابس والمنتعل أولهما تلبس وآخرهما تنزع ليكون الفضل لها في بقاء زينتها عليها وله أن ينتعل قائما وذلك في الخفيف جميعا أو لينعلهما جميعا ولا بأس أن يأكل قائما ويشرب قائما وذلك في الخفيف من الأكل وقال مالك لا بأس بالشرب من في السقاء وكرهه غيره لصحة الأثر فيه ولما يخاف على الشارب منه ولا بأس أن يبول قائما في الموضع الدمث مثل التراب المهيل وشبهه مما يأمن فيه أن ينتضح من بوله عليه ولا بأس أن يقرب من البائل قائما ولا يقرب منه إن بال جالسا لأن كل بائلة تفيح ومن أراد حاجة الانسان فليبعد من الناس ولستتر عنهم والله يمقت كل متحدث على طوفه والبول في المغسلة مكروه فإن كان ماء جاريا فلا بأس ولا يحل لأحد أن يبول في الماء الراكد ومن تثاءب فليكظم ما استطاع ويضع يده على فيه ويغض العاطس من صوته إن أمكنه ويعلن حمده لله ويسمع من يليه ويقول له من سمعه يرحمك الله ويرد عليه يغفر الله لنا ولك أو لنا ولكم وإن رد عليهم يهديكم الله ويصلح بالكم فحسن أيضا وإنما يشمت العاطس في أول عطسة وثانية وثالثة فإذا جاوز ذلك سقط التشميت عمن سمعه وأما هو فيحمد الله أبدا عند فراغه من كل عطسة إلا أن تكون متصلة فيحمد الله أبدا عند فراغه من كل عطسة إلا ان تكون متصلة فيحمد الله في آخرها وحسن أن يعتذر إليه جليسه من التشميت بعد الثالثة فيقول له:إنك مضنوك أو مزكوم ومن حسن الأدب أن يخفي المتجشي صوته ويكره ان يتناجى رجلان دون ثالث معهما وكذلك يكره أن يتناجى جماعة أكثر من ثلاثة دون واحد وذلك في السفر أو كدن ويكره للمسافرين اتخاذ الأجراس والأوتار في اعناق الخيل ولا بأس بالتداوي من كل علة بما يرجى به برؤها ما لم يكن حراما ولا بأس بالكي وقطع العرق والحجامة ولا بأس بالرقية من العين وغيرها وإذا رقى الذمي المسلم بكلمات الله وأسمائه جاز ومن عان رجلا توضأ له على ما جاء في غسل العائن وقد أوضحناه في كتاب التمهيد والحمد لله وعيادة المريض سنة مؤكدة وأفضل العيادة أخفها ولا يطيل العائد الجلوس عند العليل إلا أن يكون صديقا يأنس به ويره ذلك منه ومن عاد مريضا أو زار صحيحا فليجلس حيث يأمره فالمرء أعلم بعورة منزله ومن ملكه الله عبدا فلا يكلفه من العمل فوق طاقته وعليه نفقته وكسوته بالمعروف لمثله غير مضر به ولا يضيق عليه وإن كانت له خاصة من مطعمة فلينله منها بما يرد شهوته ولا يستخدمه ليلا إلا عند الضرورة والحاجة إلا من اليسير والأمة كالعبد في كل ما ذكرنا ولا يكلف العبد غير ذي الصنعة الكسب فيسرق ولا الأمة فتفجر والرفق بالدواب في ركوبها والحمل عليها واجب سنة فإنها عجم لا تشكو وهي من ملك اليمين وفي كل كبد رطبة آجر هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان في الإحسان إليها أجر فكذلك في الإساءة إليها وزر وقد شكا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمل أن صاحبه يجيعه فأمره بالإحسان إليه أو يبيعه ولا يحمل على الدواب أكثر من طاقتها ولا يضرب وجوهها ولا تتخذ ظهورها كراسي ولا تقلد الأجراس إلا ان تكون بدار الحرب تهيبا للعدون ولا تستعمل ليلا إلا أن يروح عنها نهارا ولا يحل حبس بهيمة مربوطة عن السرج والتحريش بين البهائم مكروه والتحريش بين الآدميين حوب كبير وأبغض الخلق الى الله وأبعدهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون لأهل البر العثرات وقل ما ينجو المؤمن من الحسد والطيرة والظن فمن حسد ولم يبغ لم يضره حسده ومن تطير فليمض لوجهه فإنه لا يضره طيرته إلا أن يلتزمها ويعتقد صحتها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة على من تطير" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الطيرة " إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم" ومن ظن ولم يحقق لم يكن عليه بأس في ظنه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا حسدتم فلا تبغوا وإذا ظننتم فلا تحققوا وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا" ومن وعظ فليخفف فإنه إذا أسرف كان بالوعظ أولى من الموعوظ وستر المؤمن واجب ما استتر بعيبه يوكل الى ربه فإن أعلن وعظ وزجر فإن لم يزجر وأبدى صفحته أقيم عليه ما أمر الله به على وجهه وسنته وكفى المرء جهلا أن ينكر من غيره ما يعرف من نفسه ومن فتح له باب من الخير فليبادر إليه وليثبت عليه فإنه لا يدري متى يغلق عليه ولقاء الناس بوجه حسن صدقة وكرم نفسه ما لم يكن ملقا فإن الملق نفاق ولن يهلك من شاور نصيحا مسلما ولا عال من اقتصد والقناعة مال لا ينفذ وكل آت قريب والموت لا محالة آت فمن أكثر ذكره وجعله نصب عينيه صرفه ذلك عن الرغبة في الدنيا وحمله على التقوى وكان ما كان لم يكن إذا ذهب والسعيد من وعظ بغيره والزهد في الدنيا قصر الأمل ولا يصحب المرء إلى قبره ولا ينفعه فيه إلا ما قدم من صالح عمله وصلى الله على محمد نبي الرحمة وخاتم النبوة وهادي الأمة وسلم تسلميا وبه كمل كتاب الكافي لأبي عمر بن عبد البر والحمدا لله على ما منح من العافية ورزق من المعونة وكفى من الموانع حمدا كثيرا
● [ تم بحمد الله المجلد الثانى وتم كتاب الكافى ] ●
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي
تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
منتدى ميراث الرسول - البوابة