منتدى صبايا مصرية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة

    avatar
    صبايا
    Admin


    عدد المساهمات : 2010
    تاريخ التسجيل : 31/10/2014

    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة Empty خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة

    مُساهمة من طرف صبايا الأحد نوفمبر 21, 2021 6:07 am

    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة Taregh10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة السيرة والتاريخ
    تاريخ الخلفاء للسيوطيي
    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة
    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة 1410
    ● [ خطبة المؤلف ] ●
    وفيها بيان الداعي إلى تأليف الكتاب

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    أما بعد حمد الله الذي وعد فوفى و أوعد فعفا و الصلاة و السلام على سيدنا محمد سيد الشرفاء و مسود الخلفاء و على آله و صحبه أهل الكرم و الوفاء فهذا تاريخ لطيف ترجمت فيه الخلفاء أمراء المؤمنين القائمين بأمر الأمة من عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى عهدنا هذا على ترتيب زمانهم الأول فالأول و ذكرت في ترجمة كل منهم ما وقع في أيامه من الحوادث المستغربة و من كان في أيامه من أئمة الدين و أعلام الأمة
    و الداعي إلى تأليف هذا الكتاب أمور :
    منها أن الإحاطة بتراجم أعيان الأمة مطلوبة و لذوي المعارف محبوبة و قد جمع جماعة تواريخ ذكروا فيها الأعيان مختلطين و لم يستوفوا و استيفاء ذلك يوجب الطول و الملال فأردت أن أفرد كل طائفة في كتاب أقرب إلى الفائدة لمن يريد تلك الطائفة خاصة و أسهل في التحصيل فأفردت كتابا في الأنبياء صلوات الله عليهم و سلامه و كتابا في الصحابة ملخصا من الإصابة لشيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر و كتابا حافلا في طبقات المفسرين و كتابا وجيزا في طبقات الحفاظ لخصته من طبقات الذهبي و كتابا جليلا في طبقات النحاة و اللغويين لم يؤلف قبله مثله و كتابا في طبقات الأصوليين و كتابا جليلا في طبقات الأولياء و كتابا في طبقات الفرضيين و كتابا في طبقات البيانيين و كتابا في طبقات الكتاب ـ أعني أرباب الإنشاء ـ و كتابا في طبقات أهل الخط المنسوب و كتابا في شعراء العرب الذين يحتج بكلامهم في العربية و هذه تجمع غالب أعيان الأمة و اكتفيت في طبقات الفقهاء بما ألفه الناس في ذلك لكثرته و الإستغناء به و كذلك اكتفيت في القراء بطبقات الذهبي و أما القضاة فهم داخلون فيمن تقدم و لم يبق من الأعيان غير الخلفاء مع تشوق النفوس إلى أخبارهم فأفردت لهم هذا الكتاب و لم أورد أحدا مما ادعى الخلافة خروجا و لو لم يتم له الأمر ككثير من العلويين و قليل من العباسيين
    ● اعتذار المؤلف ●
    عن كونه لم يذكر الفاطميين بين الخلفاء
    منها : أنهم غير قريشيين و إنما سمتهم بالفاطميين جهلة العوام و إلا فجدهم مجوسي قال القاضي عبد الجبار البصري : اسم جد الخلفاء المصريين سعيد و كان أبوه يهوديا حدادا نشابة و قال القاضي أبو بكر الباقلاني : القداح جد عبيد الله الذي يسمي علماء النسب و سماهم جهلة الناس الفاطميين قال ابن خلكان : أكثر أهل العلم لا يصححون نسب المهدي عبيد الله جد خلفاء مصر حتى إن العزيز بالله ابن المعز في أول ولايته صعد المنبر يوم الجمعة فوجد هناك ورقة فيها هذه الأبيات:
    إنما سمعنا نسبا منكرا . يتلى على المنبر في الجامع
    إن كنت فيما تدعي صادقا . فاذكر أبا بعد الأب السابع
    إن ترد تحقيق ما قلته . فانسب لنا نفسك كالطائع
    أو لا دع الأنساب مستورة . وادخل بنا في نفسك الواسع
    فإن أنساب بني هاشم . يقصر عنها طمع الطامع
    و كتب العزيز إلى الأموي صاحب الأندلس كتابا سبه فيه و هجاه فكتب إليه الأموي [ أما بعد فإنك عرفتنا فهجوتنا و لو عرفناك لأجبناك ] فاشتد ذلك على العزيز فأفحمه عن الجواب ـ يعني أنه دعي لا تعرف قبيلته ـ قال الذهبي : المحققون متفقون على أن عبيد الله المهدي ليس بعلوي و ما أحسن ما قال حفيده المعز صاحب القاهرة ـ و قد سأله ابن طباطبا العلوي عن نسبهم ـ فجذب سيفه من الغمد و قال : هذا نسبي و نثر على الأمراء و الحاضرين الذهب و قال : هذا حسبي
    و منها : أن أكثرهم زنادقة خارجون عن الإسلام و منهم من أظهر سب الأنبياء و منهم من أباح الخمر و منهم من أمر بالسجود له و الخير منهم رافضي خبيث لئيم يأمر بسب الصحابة رضي الله عنهم و مثل هؤلاء لا تنعقد لهم بيعة و لا تصح لهم إمامة
    قال القاضي أبو بكر الباقلاني : كان المهدي عبيد الله باطنيا خبيثا حريصا على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء و الفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق و جاء أولاده على أسلوبه : أبا حوا الخمر و الفروج و أشاعوا الرفض
    و قال الذهبي : كان القائم بن المهدي شرا من أبيه زنديقا ملعونا أظهر سب الأنبياء و قال : و كان العبيديون على ملة الإسلام شرا من التتر
    و قال أبو الحسن القابسي : إن الذين قتلهم عبيد الله و بنوه من العلماء و العباد أربعة آلاف رجل ليردوهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت فيا حبذا لو كان رافضيا فقط و لكنه زنديق
    و قال القاضي عياض : سئل أبو محمد القيرواني الكيزاني من علماء المالكية عمن أكرهه بنو عبيد ـ يعني خلفاء مصر ـ على الدخول في دعوتهم أو يقيل ؟ قال : يختار القتل و لا يعذر أحد في هذا الأمر كان أول دخولهم قبل أن يعرف أمرهم و أما بعد فقد وجب الفرار فلا يعذر أحد بالخوف بعد إقامته لأن المقام في موضع يطلب من أهله تعطيل الشرائع لا يجوز و إنما أقام من أقام من الفقهاء على المبانية لهم لئلا تخلو للمسلمين حدودهم فيفتنوهم عن دينهم
    و قال يوسف الرعيني : أجمع العلماء بالقيروان على أن حال بني عبيد حال المرتدين و الزنادقة لما أظهروا من خلاف الشريعة
    و قال ابن خلكان : و قد كانوا يدعون علم المغيبات و أخبارهم في ذلك مشهورة حتى إن العزيز صعد يوما المنبر فرأى ورقة فيها مكتوب:
    بالظلم و الجور قد رضينا . و ليس بالكفر و الحماقة
    إن كنت أعطيت علم غيب . بين لنا كاتب البطاقة
    و كتبت إليه امرأة قصة فيها : بالذي أعز اليهود بميشا و النصارى بابن نسطور و أذل المسلمين بك إلا نظرت في أمري و كان ميشا اليهودي عاملا بالشام و ابن نسطور النصراني بمصر
    و منها : أن مبايعتهم صدرت و الإمام العباسي قائم موجود سابق البيعة فلا تصح إذ لا تصح البيعة لإمامين في وقت واحد و الصحيح المتقدم
    و منها : أن الحديث ورد بأن هذا الأمر إذا وصل إلى بني العباس لا يخرج عنهم حتى يسلموه إلى عيسى ابن مريم أو المهدي فعلم أن من تسمى بالخلافة مع قيامهم خارج باغ
    فلهذه الأمور لم أذكر أحدا من العبيديين و لا غيرهم من الخوارج و إنما ذكرت الخليفة المتفق على صحة إمامته و عقد بيعته و قد قدمت في أول الكتاب فصولا فيها فوائد مهمة و ما أوردته من الوقائع الغريبة و الحوادث العجيبة فهو ملخص من تاريخ الحافظ الذهبي و العهدة في أمره عليه و الله المستعان
    ● بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم ●
    لم يستخلف أحدا يلي الأمر بعده
    قال البزار في مسنده : [ حدثنا عبد الله بن وضاح الكوفي حدثنا يحيى بن اليماني حدثنا إسرائيل عن أبي اليقظان عن أبي وائل عن حذيفة قال : قالوا : يا رسول الله ألا تستخلف علينا ؟ قال : إني إن أستخلف عليكم فتعصون خليفتي ينزل عليكم العذاب ] أخرجه الحاكم في المستدرك و أبو اليقظان ضعيف
    و أخرج الشيخان عن عمر أنه قال حين طعن : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني ـ يعني أبا بكر ـ و إن أترككم فقد ترككم من هو خير مني ـ يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ
    و أخرج أحمد و البيهقي في دلائل النبوة بسند حسن عن عمرو بن سفيان قال : لما ظهر علي يوم الجمل قال : أيها الناس : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر فأقام و استقام حتى مضى لسبيله ثم إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر فأقام و استقام حتى ضرب الدين بجرانه ثم إن أقواما طلبوا الدنيا فكانت أمور يقضي الله فيها
    و أخرج الحاكم في المستدرك و صححه البيهقي في الدلائل عن أبي وائل قال : قيل لعلي : ألا تستخلف علينا ؟ قال : ما استخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم فأستخلف و لكن إن يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم بعدي على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم
    قال الذهبي : و عند الرافضة أباطيل في أنه عهد إلى علي رضي الله عنه و قد قال هذيل بن شرحبيل : أكان أبو بكر يتأمر على علي وصي رسول الله صلى الله عليه و سلم و ود أبو بكر أنه وجد عهدا من رسول الله صلى الله عليه و سلم فخزم أنفه بخزام ؟ أخرجه ابن سعد و البيهقي في الدلائل و أخرج ابن سعد عن الحسن قال : قال علي : لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صلى الله عليه و سلم قد قدم أبا بكر في الصلاة فرضينا لدنيانا عمن رضي رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه لديننا فقدمنا أبا بكر
    و قال البخاري في تاريخه : روي [ عن ابن جمهان عن سفينة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأبي بكر و عمر و عثمان : هؤلاء الخلفاء بعدي ] قال البخاري و لم يتابع على هذا لأن عمر و عليا و عثمان قالوا : لم يستخلف النبي صلى الله عليه و سلم انتهى
    و الحديث المذكور أخرجه ابن حيان قال : [ حدثنا أبو يعلى حدثنا يحيى الجماني حدثنا حشرج عن سعيد بن جمهان عن سفينة : لما بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجد وضع في البناء حجرا و قال لأبي بكر : ضع حجرك إلى جنب حجري ثم قال لعمر : ضع حجرك إلى جنب حجر أبي بكر ثم قال لعثمان : ضع حجرك إلى جنب حجر عمر ثم قال : هؤلاء الخلفاء بعدي ] قال أبو زرعة : إسناده لا بأس به و قد أخرجه الحاكم في المستدرك و صححه البيهقي في الدلائل و غيرهما
    قلت : و لا منافاة بينه و بين قول عمر و علي أنه لم يستخلف لأن مرادهما أنه عند الوفاة لم ينص على استخلاف أحد و هذا إشارة وقعت قبل ذلك فهو كقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الآخر [ عليكم بسنتي و سنة الراشدين المهديين من بعدي ] أخرجه الحاكم من حديث العرباض بن سارية و كقوله صلى الله عليه و سلم : [ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر و عمر ] و غير ذلك من الأحاديث المشيرة إلى الخلافة
    ● بيان الأئمة من قريش ●
    قال أبو داود الطيالسي في مسنده : [ حدثنا سكين بن عبد العزيز عن سيار بن سلامة عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الأئمة من قريش ما حكموا فعدلوا و وعدوا فوفوا و استرحموا فرحموا ] أخرجه الإمام أحمد و أبو يعلى في مسنديهما و الطبراني
    و قال الترمذي : [ حدثنا أحمد بن منيع حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح حدثنا أبو مريم الأنصاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الملك في قريش و القضاء في الأنصار و الأذان في الحبشة ] إسناده صحيح
    و قال الإمام أحمد في مسنده : [ حدثنا الحاكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح عن كثير بن مرة عن عتبة بن عبدان أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الخلافة في قريش و الحكم في الأنصار و الدعوة في الحبشة ] رجاله موثقون
    و قال البزار : [ حدثنا إبراهيم بن هانئ حدثنا الفيض بن الفضل حدثنا مسعر عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ربيعة بن ماجد عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الأمراء من قريش أبرارها أمراء أبرارها و فجارها أمراء فجارها ]
    ● في مدة الخلافة في الإسلام ●
    قال الإمام أحمد : [ حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا سعيد بن جمهان عن سفينة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك ] أخرجه أصحاب السنن و صححه ابن حيان و غيره
    قال العلماء : لم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه و سلم إلا الخلفاء الأربعة و أيام الحسن
    و قال البزار : [ حدثنا محمد بن سكين حدثنا يحيى بن حسان حدثنا يحيى بن حمزة عن مكحول عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أول دينكم بدأ نبوة و رحمة ثم يكون خلافة و رحمة ثم يكون ملكا و جبرية ] حديث حسن
    و قال عبد الله بن أحمد : [ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدسي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال هذا الأمر عزيزا ينصرون على من ناوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ] أخرجه الشيخان و غيرهما و له طرق و ألفاظ : منها [ لا يزال هذا الأمر صالحا ] ومنها [ لا يزال الأمر ماضيا ] رواهما أحمد ومنها عند مسلم [ لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا إن أول دينكم بدأ نبوة و رحمة ثم يكون خلافة و رحمة ثم يكون ملكا و جبرية حديث حسن
    و قال عبد الله بن أحمد : [ حدثنا محمد بن أبي بكر المقدسي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا ابن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال هذا الأمر عزيزا ينصرون على من ناوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ] أخرجه الشيخان و غيرهما و له طرق و ألفاظ : منها [ لا يزال هذا الأمر صالحا ] ومنها [ لا يزال الأمر ماضيا ] رواهما أحمد ومنها عند مسلم [ لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا ؟ فقال : سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال [ اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل ] ]
    قال القاضي عياض : لعل المراد بالاثنى عشر في هذه الأحاديث و ما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة و قوة الإسلام و استقامة أموره و الاجتماع على من يقوم بالخلافة و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب بني أمية و وقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم
    قال شيخ الإسلام ابن حجر في شرح البخاري : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث و أرجحه لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحه : [ كلهم يجتمع عليه الناس ] و إيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته و الذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ثم اجتمعوا على ولده يزيد و لم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل الزبير ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام و تخلل بين سليمان و يزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سبين ثم قاموا عليه فقتلوه و انتشرت الفتن و تغيرت الأحوال من يومئذ و لم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان و لما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فقتله مروان ثم ثار مروان بنو العباس إلى أن قتل ثم كان أول خلفاء بني العباس السفاح و لم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنه المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس و استمرت في أيديهم متغلبين عليها إلا أن تسموا بالخلافة بعد ذلك و انفرط الأمر إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في البلاد بعد أن كان في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع الأقطار من الأرض شرقا و غربا يمينا و شمالا مما غلب عليه المسلمون و لا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة
    و من انفراط الأمر أنه كان في المائة الخامسة بالأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى بالخلافة و معهم صاحب مصر العبيدي و العباسي ببغداد خارجا عمن كان يدعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية و الخوارج
    قال : فعلى هذا التأويل يكون المراد بقوله : [ ثم يكون الهرج ] يعني القتل الفاشي عن الفتن وقوعا فاشيا و يستمر و يزداد و كذا كان
    و قيل : إن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة إسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق و إن لم تتوال أيامهم و يؤيد هذا ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير عن أبي الخلد أنه قال : [ لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى و دين الحق منهم رجلان من أهل بيت محمد صلى الله عليه و سلم ] و على هذا فالمراد بقوله : [ ثم يكون الهرج ] أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة : من خروج الدجال و ما بعده انتهى
    قلت : و على هذا فقد وجد من الاثني عشر خليفة الخلفاء الأربعة و الحسن و معاوية و ابن الزبير و عمر بن عبد العزيز هؤلاء ثمانية و يحتمل أن يضم إليهم المهتدي من العباسيين لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية و كذلك الطاهر لما أوتيه من العدل و بقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من آل بيت محمد صلى الله عليه و سلم
    ● أحاديث منذرة بخلافة بني أمية ●
    قال الترمذي : حدثنا محمد بن غيلان حدثنا أبو داود الطياليسي حدثنا القاسم ابن الفضل المدني عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال : سودت وجوه المؤمنين فقال : لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي صلى الله عليه و سلم رأى بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت : { إنا أعطيناك الكوثر } و نزلت : { إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية يا محمد قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد و لا تنقص قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم و هو ثقة و لكن شيخه مجهول و أخرج هذا الحديث الحاكم في مستدركه و ابن جرير في تفسيره قال الحافظ أبو الحجاج المزي : و هو حديث منكر و كذا قال ابن كثير و قال ابن جرير في تفسيره : حدثت عن محمد بن الحسن ابن زبالة حدثت عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل حدثني أبي عند جدي قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني الحكم ابن أبي العاص ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فلما استجمع ضاحكا حتى مات و أنزل الله في ذلك : { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } إسناده ضعيف لكن له شواهد من حديث عبد الله بن عمر و يعلي بن مرة و الحسين بن علي و غيرهم و قد أوردتها بطرقها في كتاب التفسير و المسند و أشرت إليها في كتاب أسباب النزول
    ● أحاديث تبشر بخلافة بني العباس ●
    قال البزار : [ حدثنا يحيى بن يعلي بن منصور حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد ابن إسماعيل بن أبي فديك عن محمد بن عبد الرحمن العامري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للعباس : فيكم النبوة و المملكة ] العامري ضعيف و قد أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة و ابن عدي في الكامل و ابن عساكر من طريق عن ابن أبي فديك
    و قال الترمذي : [ حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ثور بن يزيد عن مكحول عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للعباس : إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت و ولدك حتى أدعو لهم بدعوة ينفعك الله بها و ولدك فغدا و غدونا معه و ألبسنا كساء ثم قال : اللهم اغفر للعباس و لولده مغفرة ظاهرة و باطنة لا تغادر ذنبا اللهم احفظه في ولده ] هكذا أخرجه الترمذي في جامعه و زاد رزين العبدري في آخره [ و اجعل الخلافة باقية في عقبه ] قلت هذا الحديث و الذي قبله أصلح ما ورد في هذا الباب
    و قال الطبراني : [ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثنا إسحاق عن إبراهيم بن أبي النضر عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رأيت بني مروان يتعاورون على منبري فسائني ذلك و رأيت بني العباس يتعاورون على منبري فسرني ذلك ]
    و قال أبو نعيم في الحلية : [ حدثنا محمد بن المظفر حدثنا عمر بن الحسن بن علي حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن صالح العدوي حدثنا ابن جعفر التميمي حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي أخبرني علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فتلقاه العباس فقال : ألا أبشرك يا أبا الفضل ؟ قال بلى يا رسول الله قال : إن الله افتتح بي هذا الأمر و بذريتك يختمه ] إسناده ضعيف
    و قد ورد من حديث علي بإسناد أضعف من هذا أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن يونس الكدمي ـ هو وضاع ـ [ عن إبراهيم بن سعيد الأشقر عن خليفة عن أبي هاشم عن محمد ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للعباس : إن الله فتح هذا الأمر بي و يختمه بولدك ] و ورد أيضا من حديث ابن عباس أخرجه الخطيب في التاريخ و لفظه [ بكم يفتح هذا الأمر و بكم يختم ] و سيأتي بسنده في ترجمة المهتدي بالله و ورد أيضا من حديث عمار بن ياسر أخرجه الخطيب
    و قال في الحلية : [ حدثنا محمد بن المظفر حدثنا نصر بن محمد حدثنا علي ابن أحمد السواق حدثنا عمر بن راشد حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح عن أبيه عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يكون من ولد العباس ملوك تكون أمراء أمتي يعز الله بهم الدين ] عمر بن راشد ضعيف
    و قال أبو نعيم في الدلائل : [ حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد حدثنا المنتصر بن نصر بن المنتصر حدثنا أحمد بن راشد بن خثيم ثنا عمي سعيد بن خثيم عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثتني أم الفضل رضي الله عنها قالت : مررت بالنبي صلى الله عليه و سلم فقال : إنك حامل بغلام فإذا ولدت فأتيني به فلما ولدته أتيت به النبي صلى الله عليه و سلم فأذن في أذنه اليمنى و أقام في أذنه اليسرى و ألبأه من ريقه و سماه عبد الله و قال : اذهبي بأبي الخلفاء فأخبرت العباس و كان رجلا لباسا ـ فلبس ثيابه ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه و سلم فلما بصر به قام فقبل بين عينيه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : هو ما أخبرتك هو أبو الخلفاء حتى يكون منهم السفاح حتى يكون منهم المهدي حتى يكون منهم من يصلي بعيسى ابن مريم عليه السلام ]
    و قال الديلمي في مسند الفردوس : أخبرنا عبدوس بن عبد الله كتابة أخبرنا الحسن بن فتحويه حدثنا عبد الله بن أحمد بن يعقوب المقري حدثنا العباس بن علي النسائي حدثنا يحيى بن يعلي الرازي حدثنا سهل بن تمام حدثنا الحارث ابن شبل حدثتنا أم النعمان عن عائشة رضي الله عنهما مرفوعا [ سيكون لبني العباس راية و لن تخرج من أيديهم ما أقاموا الحق ]
    و قال الدار قطني في الأفراد : [ حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي حدثنا محمد بن هرون السعدي حدثنا أحمد بن إبراهيم الأنصاري عن أبي يعقوب بن سليمان الهاشمي قال : سمعت المنصور يقول : حدثني أبي عن جدي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للعباس : إذا سكن بنوك السواد و لبسوا السواد و كان شيعتهم أهل خراسان لم يزل الأمر فيهم حتى يدفعوه إلى عيسى ابن مريم ]
    أحمد بن إبراهيم ليس بشيء و شيخه مجهول و الحديث ضعيف حتى إن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات و له شاهد أخرجه الطبراني في الكبير : عن أحمد بن داود المكي عن محمد بن إسماعيل بن عون النبلي عن الحارث بن معاوية بن الحارث عن أبيه عن جده أبي أمه عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا : [ الخلافة في ولد عمي و صنو أبي حتى يسلموها إلى المسيح ] و أخرجه الديلمي من وجه آخر عن أم سلمة رضي الله عنها
    و قال العقيلي في كتاب الضعفاء : حدثنا أحمد بن محمد النصيبي حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي حدثنا أحمد بن سعيد الجبيري حدثنا عبد العزيز بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعا [ يلي ولد العباس من كل يوم تليه بنو أمية يومين و من كل شهر شهرين ]
    هذا حديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات و أعله ببكار و ليس كما قال فإن بكارا لم يتهم بكذب و لا وضع بل قال فيه ابن عدي : هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ثم قال : و أرجو أنه لا بأس به و لعمري فليس معنى الحديث ببعيد فإن دولة العباسيين في حال علوها و نفوذ كلمتها في أقطار الأرض شرقا و غربا ما عدا أقصى المغرب كانت من سنة بضع و ثلاثين و مائة إلى سنة بضع و تسعين و مائتين حتى تولى المقتدر و في أيامه انخرم النظام و خرجت المغرب بأسرها عن أمره ثم تتابع الفساد و الاختلال في دولته و بعده كما سيأتي فكانت أيام شموخ دولتهم و مملكتهم مائة و بضعا و ستين سنة وهي ضعف أيام بني أمية الشامخة فإنها كانت اثنتين و تسعين سنة منها تسع سنين الأمر فيها لابن الزبير فصفت ثلاثا و ثمانين سنة و كسرا و هي ألف شهر سواء
    ثم وجدت للحديث شاهدا قال الزبير بن بكار في [ الموفقيات ] : حدثني علي بن صالح عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمعاوية : لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين و لا شهرا إلا ملكنا شهرين و لا حولا إلا ملكنا حولين و قال الزبير في [ الموفقيات ] : حدثني علي بن المغيرة عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الرايات السود لنا أهل البيت و قال : لا يجيء هلاكها إلا من قبل المغرب
    و قال ابن العساكر في تاريخ دمشق : [ أنبأنا أبو القاسم بن بنان أخبرنا أبو علي ابن شاذان حدثنا جعفر بن محمد الواسطي حدثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا عبد الله بن سوار العنبري حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان عن أبي رجاء العطاردي عن عبد الله بن عباس عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له : اللهم انصر العباس و ولد العباس قالها ثلاثا ثم قال : يا عم أما شعرت أن المهدي من ولدك موفقا راضيا مرضيا ] الكديمي وضاع
    و قال ابن سعد في الطبقات حدثنا محمد بن عمر حدثنا عمر بن عقبة الليثي عن شعبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال : أرسل العباس بن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب فجمعهم عنده و كان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها فقال العباس : يا بن أخي إني قد رأيت رأيا لم أحب أن أقطع فيه شيئا حتى أستشيرك فقال علي : ما هو ؟ قال : تدخل على النبي صلى الله عليه و سلم تسأله إلى من هذا الأمر من بعده ؟ فإن كان فينا لم نسلمه و الله ما بقي في الأرض منا طارق و إن كان في غيرنا لم نطلبها بعد أبدا قال علي : يا عم و هل هذا الأمر إلا إليك ؟ و هل أحد ينازعكم في هذا الأمر ؟
    قال الديلمي في مسند الفردوس : أخبرنا أبو منصور بن خيرون حدثنا أحمد ابن علي حدثنا بشرى بن عبد الله الرومي حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الفامي ـ يعرف بغندر ـ قال : قرئ على أبي شاكر مسرة بن عبد الله : حدثنا الحسن بن يزيد حدثنا ابن المبارك حدثنا الأعمش حدثنا إبراهيم بن جعفر الأنصاري حدثنا أنس بن مالك مرفوعا : [ إذا أراد الله أن يخلق خلقا للخلافة مسح على ناصيته بيمينه ]
    مسرة ذاهب الحديث متروك و قد ورد من حديث أبي هريرة أخرجه الديلمي من ثلاث طرق عن ابن أبي ذئب عن ابن أبي صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا و أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
    ● البردة النبوية التي تداولها الخلفاء ●
    أخرج السلفي في الطوريات بسنده إلى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أن كعب بن زهير رضي الله عنه لما أنشد النبي صلى الله عليه و سلم قصيدته [ بانت سعاد ] رمى إليه ببردة كانت عليه فلما كان زمن معاوية رضي الله عنه كتب إلى كعب : بعنا بردة رسول الله صلى الله عليه و سلم بعشرة آلاف درهم فأبى عليه فلما مات كعب بعث معاوية إلى أولاده بعشرين ألف درهم و أخذ منهم البردة التي هي عند الخلفاء آل العباس و هكذا قاله خلائق آخرون
    و أما الذهبي فقال في تاريخه : أما البردة التي عند الخلفاء آل العباس فقد قال يونس ابن بكير عن ابن إسحاق في قصة غزوة تبوك : [ إن النبي صلى الله عليه و سلم أعطى أهل أيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم فاشتراها أبو العباس السفاح بثلاثمائة دينار ]
    قلت : فكانت التي اشتراها معاوية فقدت عند زوال دولة بني أمية
    و أخرج الإمام أحمد بن حنبل في الزهد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن ثوب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان يخرج فيه للوفد رداء حضرمي طوله أربعة أذرع و عرضه ذراعان و شبر فهو عند الخلفاء قد خلق و طووه بثياب تلبس يوم الأضحى و الفطر في إسناده ابن لهيعة و قد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها و يطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوسا و ركوبا و كانت على المقتدر حين قتل و تلوثت بالدم و أظن أنها فقدت في فتنة التتار فإنا لله و إنا إليه راجعون
    فوائد منثورة تقع في التراجم و رأى المؤلف ذكرها مجتمعة أنفع
    قال ابن الجوزي : ذكر الصولي أن الناس يقولون : إن كل سادس يقوم للناس يخلع
    قال : فتأملت هذا فرأيته عجبا أعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه و سلم ثم قام به بعده أبو بكر و عمر و عثمان و علي و الحسن فخلع ثم معاوية و يزيد بن معاوية و معاوية بن يزيد و مروان و عبد الملك بن مروان و ابن الزبير فخلع ثم الوليد و سليمان و عمر بن عبد العزيز و يزيد و هشام و الوليد فخلع ثم لم ينتظم لبني أمية أمر فولي السفاح و المنصور و المهدي و الهادي و الرشيد و الأمين فخلع ثم المأمون و المعتصم و الواثق و المتوكل والمنتصر و المستعين فخلع ثم المعتز و المهتدي و المعتمد و المعتضد و المكتفي و المقتدر فخلع مرتين ثم قتل ثم القاهر و الراضي و المتقي و المستكفي و المطيع و الطائع فخلع ثم القادر و القائم و المقتدي و المستظهر و المسترشد و الراشد فخلع هذا آخر كلام ابن الجوزي قال الذهبي : و ما ذكره ينخرم بأشياء :
    أحدهما : قوله : و عبد الملك و ابن الزبير و ليس الأمر كذلك بل ابن الزبير خامس و بعده عبد الملك أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة و الآخر خارج لأن ابن الزبير سابق البيعة عليه و إنما صحت خلافة عبد الملك من حين قتل ابن الزبير
    و الثاني : تركه لعد يزيد الناقص و أخيه إبراهيم الذي خلع و مروان فيكون الأمين باعتبار عددهم تاسعا
    قلت : قد تقدم أن مروان ساقط من العدد لأنه باغ و معاوية بن يزيد كذلك لأن ابن الزبير بويع له بعد موت يزيد و خالف عليه معاوية بالشام فهما واحد و إبراهيم الذي بعد يزيد الناقص لم يتم له أمر فإن قوما بايعوه بالخلافة و آخرين لم يبايعوه و قوم كانوا يدعونه بالإمارة دون الخلافة و لم يقم سوى أربعين يوما أو سبعين يوما فعلى هذا مروان الحمار سادس لأنه الثاني عشر من معاوية و الأمين بعده سادس
    و الثالث : أن الخلع ليس مقتصرا على كل سادس فإن المعتز خلع و كذا القاهر و المتقي و المستكفي
    قلت : لا انخرام بهذا فإن المقصود أن السادس لابد من خلعه و لا ينافي هذا كون غيره أيضا يخلع و يقال زيادة على ما ذكره ابن الجوزي : ولي بعد الراشد المقتفي و المستنجد و المستضيء و الناصر و الظاهر و المستنصر و هو السادس فلم يخلع ثم المستعصم و هو الذي قتله التتار و كان آخر دولة الخلفاء و انقطعت الخلافة بعده إلى ثلاث سنين و نصف ثم أقيم بعده المستنصر فلم يقم في الخلافة بل بويع بمصر و سار إلى العراق فصادف التتار فقتل أيضا و تعطلت الخلافة بعده سنة ثم أقيمت الخلافة بمصر فأولهم الحاكم ثم المستكفي ثم الواثق ثم الحاكم ثم المعتضد ثم المتوكل و هو السادس فخلع و ولي المعتصم ثم خلع بعده بخمسة عشر يوما و أعيد المتوكل ثم خلع و بويع الواثق ثم المعتصم ثم خلع و أعيد المتوكل فاستمر إلى أن مات ثم المستعين ثم المعتضد ثم المستكفي ثم القائم و هو السادس من المعتصم الأول و من المعتصم الثاني فخلع ثم المستنجد خليفة العصر و هو الحادي و الخمسون من خلفاء بني العباس
    ● فوائد ●
    يقال : لبني العباس فاتحة و واسطة و خاتمة : فالفاتحة المنصور و الواسطة المأمون و الخاتمة المعتضد خلفاء بني العباس كلهم أبناء سراري إلا السفاح و المهدي و الأمين
    و لم يل الخلافة هاشمي ابن هاشمية إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و ابنه الحسن و الأمين قال الصولي
    و لم يل الخلافة من اسمه علي إلا علي بن أبي طالب وعلي المكتفي
    قال الذهبي : قلت : غالب أسماء الخلفاء أفراد و المثنى منهم قليل و المتكرر كثير : عبد الله و أحمد و محمد و جميع ألقاب الخلفاء أفراد إلى المستعصم آخر خلفاء العراقيين ثم كررت الألقاب في الخلفاء المصرين فكرر المستنصر و المستكفي و الواثق و الحاكم و المعتضد و المتوكل و المستعصم و المستعين و القائم و المستنجد و كلها لم يتكرر غير مرة واحدة إلا المستكفي و المعتضد فكررا مرة أخرى فتلقب بها من الخلفاء العباسيين ثلاثة و لم يتلقب أحد من خلفاء بني العباس بلقب أحد من بني عبيد إلا القائم و الحاكم و الظاهر و المستنصر و أما المهدي و المنصور فسبق التلقب به لبني العباس قبل وجود بني عبيد
    قال بعضهم : و ما تلقب أحد بالقاهر فأفلح لا من الخلفاء و لا من الملوك
    قلت : و كذا المستكفي و المستعين لقب بكل منهما اثنان من بني العباس فخلعا و نفيا و المعتضد من أجل الألقاب و أبركها لمن يلقب به
    و لم يل الخلافة أحد بعد ابن أخيه إلا المقتفي بعد الراشد و المستنصر بعد المعتصم قاله الذهبي
    قال : و لم يل الخلافة ثلاثة إخوة إلا أولاد الرشيد : الأمين و المأمون و المعتصم و أولاد المتوكل : المستنصر و المعتز و المعتمد و أولاد المقتدر : الراضي و المقتفي و المطيع
    قال : و ولي الأمر من أولاد عبد الملك أربعة و لا نظير لذلك إلا في الملوك
    قلت : بل له نظير في الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه و سلم فولي الخلافة من أولاد المتوكل محمد أربعة بل خمسة : المستعين و المعتضد و المستكفي و القائم و المستنجد خليفة العصر
    و لم يل الخلافة أحد في حياة أبيه إلا أبو بكر الصديق و أبو بكر الطائع بن المطيع حصل لأبيه فالج فنزل لابنه عنها طوعا
    قال العلماء : أول من ولي الخلافة و أبوه حي : أبو بكر و هو أول من عهد بها
    و أول من اتخذ بيت المال و أول من سمى المصحف مصحفا
    و أول من سمي بأمير المؤمنين : عمر بن الخطاب و هو أول من اتخذ الدرة و أول من أرخ من الهجرة و أول من أمر بصلاة التراويح و أول من وضع الديوان
    و أول من حمى الحمى : عثمان و هو أول من أقطع الإقطاعات أي أكثر من ذلك و أول من زاد الآذان في الجمعة و أول من رزق المؤذنين و أول من أرتج عليه في الخطبة و أول من اتخذ صاحب شرطة
    و أول من استخلف ولي العهد في حياته : معاوية و هو أول من اتخذ الخصيان لخدمته
    و أول من حملت إليه الرؤوس : عبد الله بن الزبير
    و أول من ضرب اسمه على السكة : عبد الملك بن مروان
    و أول من منع من ندائه باسمه : الوليد بن عبد الملك و أول ما حدثت الألقاب لبني العباس
    و قال ابن فضل الله : زعم بعضهم أن لبني أمية ألقابا مثل ألقاب بني العباس
    قلت : و كذا ذكر بعض المؤرخين أن لقب معاوية : الناصر لدين الله و لقب يزيد المستنصر و لقب معاوية ابنه : الراجع إلى الحق و لقب مروان : المؤتمن بالله و لقب عبد الملك : الموفق لأمر الله و لقب ابنه الوليد : المنتقم بالله و لقب عمر بن عبد العزيز : المعصوم بالله و لقب يزيد بن عبد الملك : القادر بصنع الله و لقب يزيد الناقص : الشاكر لأنعم الله
    أول ما تفرقت الكلمة في دولة السفاح
    أول خليفة قرب المنجمين و عمل بأحكام النجوم : المنصور و هو أول خليفة استعمل مواليه في الأعمال و قدمهم على العرب
    أول من أمر بتصنيف الكتب في الرد على المخالفين : المهدي
    أول من مشت الرجال بين يديه بالسيوف و الأعمدة : الهادي
    أول من لعب بالصوالجة في الميدان : الرشيد
    أول من دعي و كتب للخليفة بلقبه في أيامه : الأمين
    و أول من أدخل الأتراك الديوان : المعتصم
    و أول من أمر بتغيير أهل الذمة زيهم : المتوكل
    و أول من تحكمت الأتراك في قتله : المتوكل و ظهر بذلك تصديق الحديث النبوي كما أخرج الطبراني بسند جيد [ عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اتركوا الترك ما تركوكم فإن أول من يسلب أمتي ملكهم و ما خولهم الله بنو قنطوراء ]
    أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة و صغر القلانس : المستعين
    أول خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب : المعتز
    أول خليفة قهر و حجر عليه و وكل به : المعتمد
    أول من ولي الخلافة من الصبيان : المقتدر
    آخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش و الأموال : الراضي و هو آخر خليفة له شعر مدون و آخر خليفة خطب و صلى بالناس دائما و آخر خليفة جالس الندماء و آخر خليفة كانت نفقته و جوائزه و عطاياه و خدمه و جراياته و خزائنه و مطابخه و مشاربه و مجالسه و حجابه و أموره جارية على ترتيب الخلافة الأولية و هو آخر خليفة سافر بزي الخلفاء القدماء
    أول ما كررت الألقاب من المستنصر الذي تولى بعد المستعصم
    في الأوائل للعسكري : أول خليفة ولي في حياة أمه عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم الهادي ثم الرشيد ثم الأمين ثم المتوكل ثم المنتصر ثم المستعين ثم المعتز ثم المعتضد ثم المطيع و لم يل الخلافة في حياة أبيه غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه و زيد عليه الطائع
    و قال الصولي : لا نعرف امرأة ولدت خليفتين إلا ولادة أم الوليد و سليمان ابني عبد الملك و شاهين أم يزيد الناقص و إبراهيم ابني الوليد و الخيزران أم الهادي و الرشيد
    قلت : و يزاد أم العباس و حمزة و أم داود و سليمان أولاد المتوكل الأخير
    فائدة : المتسمون بالخلافة من العبيديين أربعة عشر : ثلاثة بالمغرب : المهدي و القائم و المنصور و أحد عشر بمصر : المعز و العزيز و الحاكم و الظاهر و المستنصر و المستعلي و الآمر و الحافظ و الظافر و الفائز و العاضد و كان ابتداء أمر مملكتهم سنة بضع و تسعين و مائتين و انقراضها في سنة سبع و ستون و خمسمائة قال الذهبي : و هي الدولة المجوسية و اليهودية لا العلوية و الباطنية لا الفاطمية و كانوا أربعة عشر متخلفا لا مستخلفا انتهى
    فائدة : المتسمون بالخلافة من الأمويين بالمغرب كانوا أحسن حالا من العبديين بكثير إسلاما و سنة و عدلا و فضلا و علما و جهادا و غزوا و هم كثير حتى إنه اجتمع بالأندلس في عصر واحد ستة كلهم تسمى بالخلافة
    فائدة : أفرد تواريخ الخلفاء بالتأليف جماعة من المتقدمين : منها تاريخ الخلفاء لنفطويه النحوي مجلدان انتهى إلى أيام القاهر و الأوراق للصولي ذكر فيه العباسيين فقط و انتهى إليه
    قلت : و قد وقفت عليه و تاريخ خلفاء بني العباس لابن الجوزي رأيته أيضا انتهى إلى أيام الناصر و تاريخ الخلفاء لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المروزي الكاتب أحد فحول الشعراء مات في سنة ثمانين و مائتين و تاريخ خلفاء بني العباس للأمير أبي موسى هرون بن محمد العباسي
    فائدة : أخرج الخطيب في التاريخ بسنده عن محمد بن عبادة قال : لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه و المأمون
    قلت : و هذا الحصر ممنوع بل حفظه أيضا الصديق رضي الله عنه على الصحيح و صرح به جماعة منهم النووي في تهذيبه و علي رضي الله عنه ورد من طريق أنه حفظه كله بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم
    فائدة : قال ابن الساعي حضرت مبايعة الخليفة الظاهر فكان جالسا في شباك القبة بثياب بيض و عليه الطرحة و على كتفه بردة النبي صلى الله عليه و سلم و الوزير قائم بين يديه على منبر و أستاذ الدار دونه بمرقاة و هو يأخذ البيعة على الناس
    و لفظ المبايعة : أبايع سيدنا و مولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبا نصر محمدا الظاهر بأمر الله على كتاب الله و سنة نبيه و اجتهاد أمير المؤمنين و أن لا خليفة سواه انتهى

    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة Fasel10

    كتاب : تاريخ الخلفاء
    المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيي
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    خطبة المؤلف واعتذاره وفوائد مهمة E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 28, 2024 2:54 am